فصل: تفسير الآية رقم (88)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الطبري المسمى بـ «جامع البيان في تأويل آي القرآن» ***


تفسير الآيات رقم ‏[‏48- 50‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ‏}‏‏.‏

يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ لَا يَمَسُّ هَؤُلَاءِ الْمُتَّقِينَ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتَهُمْ فِي الْجَنَّاتِ نَصَبٌ، يَعْنِي تَعَبٌ ‏{‏وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ وَمَا هُمْ مِنَ الْجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا وَمَا أَعْطَاهُمُ اللَّهُ فِيهَا بِمُخْرَجِينَ، بَلْ ذَلِكَ دَائِمٌ أَبَدًا‏.‏ وَقَوْلُهُ ‏{‏نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ أَخْبِرْ عِبَادِي يَا مُحَمَّدُ، أَنِّي أَنَا الَّذِي أَسْتُرُ عَلَى ذُنُوبِهِمْ إِذَا تَابُوا مِنْهَا وَأَنَابُوا، بِتَرْكِ فَضِيحَتِهِمْ بِهَا وَعُقُوبَتِهِمْ عَلَيْهَا، الرَّحِيمُ بِهِمْ أَنْ أُعَذِّبَهُمْ بَعْدَ تَوْبَتِهِمْ مِنْهَا عَلَيْهَا ‏{‏وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ وَأَخْبِرْهُمْ أَيْضًا أَنَّ عَذَابِي لِمِنْ أَصَرَّ عَلَى مَعَاصِيَّ وَأَقَامَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَتُبْ مِنْهَا، هُوَ الْعَذَابُ الْمُوجِعُ الَّذِي لَا يُشْبِهُهُ عَذَابٌ‏.‏ هَذَا مِنَ اللَّهِ تَحْذِيرٌ لِخَلْقِهِ التَّقَدُّمَ عَلَى مَعَاصِيهِ، وَأَمْرٌ مِنْهُ لَهُمْ بِالْإِنَابَةِ وَالتَّوْبَةِ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثنا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ ‏{‏نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ‏}‏ قَالَ‏:‏ بَلَغَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ «لَوْ يَعْلَمُ الْعَبْدُ قَدْرَ عَفْوِ اللَّهِ لَمَا تَوَرَّعَ مِنْ حَرَامٍ، وَلَوْ يَعْلَمُ قَدْرَ عَذَابِهِ لَبَخَعَ نَفْسَه»‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمَكِّيِّ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ، قَالَ‏:‏ ثنا عَاصِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ «طَلَعَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْبَابِ الَّذِي يَدْخُلُ مِنْهُ بَنُو شَيْبَةَ، فَقَالَ‏:‏ أَلَا أَرَاكُمْ تَضْحَكُونَ‏؟‏ ثُمَّ أَدْبَرَ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الْحِجْرِ رَجَعَ إِلَيْنَا الْقَهْقَرَى، فَقَالَ‏:‏ إِنِّي لَمَّا خَرَجْتُ جَاءَ جِبْرَئِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ‏:‏ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ‏:‏ لِمَ تُقَنِّطُ عِبَادِي‏؟‏ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيم»‏.‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏51- 53‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ‏}‏‏.‏

يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ وَأَخْبِرْ عِبَادِي يَا مُحَمَّدُ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ‏:‏ يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ دَخَلُوا عَلَى إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ حِينَ أَرْسَلَهُمْ رَبُّهُمْ إِلَى قَوْمِ لُوطٍ لِيُهْلِكُوهُمْ ‏{‏فَقَالُوا سَلَامًا‏}‏ يَقُولُ‏:‏ فَقَالَ الضَّيْفُ لِإِبْرَاهِيمَ‏:‏ سَلَامًا ‏{‏قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ قَالَ إِبْرَاهِيمُ‏:‏ إِنَّا مِنْكُمْ خَائِفُونَ‏.‏ وَقَدْ بَيَّنَّا وَجْهَ النَّصْبِ فِي قَوْلِهِ ‏(‏سَلَامًا‏)‏ وَسَبَبَ وَجَلِ إِبْرَاهِيمَ مِنْ ضَيْفِهِ، وَاخْتِلَافِ الْمُخْتَلِفِينَ وَدَلَّلْنَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْقَوْلِ فِيهِ فِيمَا مَضَى قَبْلُ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ‏.‏ وَأَمَّا قَوْلُهُ ‏{‏قَالُوا سَلَامًا‏}‏ وَهُوَ يَعْنِي بِهِ الضَّيْفَ، فَجَمَعَ الْخَبَرَ عَنْهُمْ، وَهُمْ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّ الضَّيْفَ اسْمٌ لِلْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ مِثْلُ الْوَزْنِ وَالْقَطْرِ وَالْعَدْلِ، فَلِذَلِكَ جَمَعَ خَبَرَهُ، وَهُوَ لَفْظٌ وَاحِدٌ‏.‏ وَقَوْلُهُ ‏{‏قَالُوا لَا تَوْجَلْ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ قَالَ الضَّيْفُ لِإِبْرَاهِيمَ‏:‏ ‏{‏لَا تَوْجَلْ‏}‏ لَا تَخَفْ ‏{‏إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏54‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونِ‏}‏‏.‏

يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِلْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ بَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ ‏{‏أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونِ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ فَبِأَيِّ شَيْءٍ تُبَشِّرُونَ‏.‏

وَكَانَ مُجَاهِدٌ يَقُولُ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثنا الْحَسَنُ، قَالَ‏:‏ ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ‏:‏ ثنا شَبَابَةُ، قَالَ‏:‏ ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونِ‏}‏ قَالَ‏:‏ عَجِبَ مِنْ كِبَرِهِ، وَكِبَرِ امْرَأَتِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ‏:‏ ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ‏:‏ ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ، وَقَالَ ‏{‏عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ‏}‏ وَمَعْنَاهُ‏:‏ لِأَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ وَبِأَنْ مَسَّنِي الْكِبَرُ، وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِهِ ‏{‏حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ‏}‏ بِمَعْنَى‏:‏ بِأَنْ لَا أَقُولَ، وَيُمَثِّلُهُ فِي الْكَلَامِ‏:‏ أَتَيْتُكَ أَنَّكَ تُعْطِي، فَلَمْ أَجِدْكَ تُعْطِي‏.‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏55- 56‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ‏}‏‏.‏

يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ قَالَ ضَيْفُ إِبْرَاهِيمَ لَهُ‏:‏ بَشَّرْنَاكَ بِحَقٍّ يَقِينٍ، وَعِلْمٍ مِنَّا بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ وَهَبَ لَكَ غُلَامًا عَلِيمًا، فَلَا تَكُنْ مِنَ الَّذِينَ يَقْنَطُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ فَيَيْأَسُونَ مِنْهُ، وَلَكِنْ أَبْشِرْ بِمَا بَشَّرْنَاكَ بِهِ وَاقْبَلِ الْبُشْرَى‏.‏

وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ ‏{‏مِنَ الْقَانِطِينَ‏}‏ فَقَرَأَهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ ‏{‏مِنَ الْقَانِطِينَ‏}‏ بِالْأَلْفِ‏.‏ وَذُكِرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ ذَلِكَ ‏(‏الْقَنِطِينَ‏)‏‏.‏

وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ مَا عَلَيْهِ قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ، لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ عَلَى ذَلِكَ، وَشُذُوذِ مَا خَالَفَهُ‏.‏

وَقَوْلُهُ ‏{‏قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِلضَّيْفِ‏:‏ وَمَنْ يَيْأَسُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الَّذِينَ قَدْ أَخْطَئُوا سَبِيلَ الصَّوَابِ، وَتَرَكُوا قَصْدَ السَّبِيلِ فِي تَرْكِهِمْ رَجَاءَ اللَّهِ، وَلَا يَخِيبُ مَنْ رَجَاهُ، فَضَّلُوا بِذَلِكَ عَنْ دِينِ اللَّهِ‏.‏

وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ ‏{‏وَمَنْ يَقْنَطُ‏}‏ فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ ‏{‏وَمَنْ يَقْنَطُ‏}‏ بِفَتْحِ النُّونِ، إِلَّا الْأَعْمَشَ وَالْكِسَائِيَّ فَإِنَّهُمَا كَسَرَا النُّونَ مِنْ ‏(‏يَقْنَطُ‏)‏‏.‏ فَأَمَّا الَّذِينَ فَتَحُوا النُّونَ مِنْهُ مِمَّنْ ذَكَرْنَا فَإِنَّهُمْ قَرَءُوا ‏{‏مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا‏}‏ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالنُّونِ‏.‏ وَأَمَّا الْأَعْمَشُ فَكَانَ يَقْرَأُ ذَلِكَ‏:‏ مِنْ بَعْدِ مَا قَنِطُوا، بِكَسْرِ النُّونِ‏.‏ وَكَانَ الْكِسَائِيُّ يَقْرَؤُهُ بِفَتْحِ النُّونِ، وَكَانَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ يَقْرَأُ الْحَرْفَيْنِ جَمِيعًا عَلَى النَّحْوِ الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ قِرَاءَةِ الْكِسَائِيِّ‏.‏

وَأَوْلَى الْقِرَاءَاتِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ ‏{‏مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا‏}‏ بِفَتْحِ النُّونِ ‏{‏وَمَنْ يَقْنَطُ‏}‏ بِكَسْرِ النُّونِ، لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَى فَتْحِهَا فِي قَوْلِهِ ‏{‏مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا‏}‏ فَكَسْرُهَا فِي ‏{‏وَمَنْ يَقْنَطُ‏}‏ أَوْلَى إِذَا كَانَ مُجْمَعًا عَلَى فَتْحِهَا فِي قَنَطَ، لِأَنَّ فَعَلَ إِذَا كَانْت عَيْنُ الْفِعْلِ مِنْهَا مَفْتُوحَةً، وَلَمْ تَكُنْ مِنَ الْحُرُوفِ السِّتَّةِ الَّتِي هِيَ حُرُوفُ الْحَلْقِ، فَإِنَّهَا تَكُونُ فِي يَفْعِلُ مَكْسُورَةً أَوْ مَضْمُومَةً‏.‏ فَأَمَّا الْفَتْحُ فَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ‏.‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏57- 60‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ‏}‏‏.‏

يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِلْمَلَائِكَةِ‏:‏ فَمَا شَأْنُكُمْ‏:‏ مَا أَمْرُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ‏؟‏ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ لَهُ‏:‏ إِنَّا أَرْسَلَنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ‏:‏ يَقُولُ‏:‏ إِلَى قَوْمٍ قَدِ اكْتَسَبُوا الْكُفْرَ بِاللَّهِ، إِلَّا آلَ لُوطٍ‏:‏ يَقُولُ‏:‏ إِلَّا اتْبَاعَ لُوطٍ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الدِّينِ، فَإِنَّا لَنْ نُهْلِكَهُمْ بَلْ نُنَجِّيهِمْ مِنَ الْعَذَابِ الَّذِي أَمَرْنَا أَنْ نُعَذِّبَ بِهِ قَوْمَ لُوطٍ، سِوَى امْرَأَةِ لُوطٍ قُدَّرْنَا إِنَّهَا مِنَ الْغَابِرِينَ‏:‏ يَقُولُ‏:‏ قَضَى اللَّهُ فِيهَا إِنَّهَا لِمَنَ الْبَاقِينَ، ثُمَّ هِيَ مُهْلَكَةٌ بَعْدُ‏.‏ وَقَدْ بَيَّنَّا الْغَابِرَ فِيمَا مَضَى بِشَوَاهِدِهِ‏.‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏61- 63‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ‏}‏‏.‏

يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ فَلَمَّا أَتَى رُسُلُ اللَّهِ آلَ لُوطٍ، أَنْكَرَهُمْ لُوطٌ فَلَمْ يَعْرِفْهُمْ، وَقَالَ لَهُمْ‏:‏ ‏{‏إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ‏}‏‏:‏ أَيْ نُنْكِرُكُمْ لَا نَعْرِفُكُمْ، فَقَالَتْ لَهُ الرُّسُلُ‏:‏ بَلْ نَحْنُ رُسُلُ اللَّهِ جِئْنَاكَ بِمَا كَانَ فِيهِ قَوْمُكَ يَشُكُّونَ أَنَّهُ نَازِلٌ بِهِمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَلَى كُفْرِهِمْ بِهِ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ‏:‏ ثنا الْحَسَنُ، قَالَ‏:‏ ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ‏:‏ ثنا شَبَابَةُ، قَالَ‏:‏ ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ‏:‏ ثنا شِبْلٌ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ‏:‏ ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ‏}‏ قَالَ‏:‏ أَنْكَرَهُمْ لُوطٌ، وَقَوْلُهُ ‏{‏بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ‏}‏ قَالَ‏.‏ بِعَذَابِ قَوْمِ لُوطٍ‏.‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ‏:‏ ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ‏:‏ ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ‏.‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏64- 65‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ‏}‏‏.‏

يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ قَالَتِ الرُّسُلُ لِلُوطٍ‏:‏ وَجِئْنَاكَ بِالْحَقِّ الْيَقِينِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَذَلِكَ الْحَقُّ هُوَ الْعَذَابُ الَّذِي عَذَّبَ اللَّهُ بِهِ قَوْمَ لُوطٍ‏.‏ وَقَدْ ذَكَرْتُ خَبَرَهُمْ وَقَصَصَهُمْ فِي سُورَةِ هُودٍ وَغَيْرِهَا حِينَ بَعَثَ اللَّهُ رُسُلَهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهِ‏.‏ وَقَوْلُهُمْ‏:‏ ‏{‏وَإِنَّا لَصَادِقُونَ‏}‏ يَقُولُونَ‏:‏ إِنَّا لَصَادِقُونَ فِيمَا أَخْبَرَنَاكَ بِهِ يَا لُوطُ مِنْ أَنَّ اللَّهَ مُهْلِكَ قَوْمَكَ ‏{‏فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُخْبِرًا عَنْ رُسُلِهِ أَنَّهُمْ قَالُوا لِلُوطٍ، فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِبَقِيَّةٍ مِنَ اللَّيْلِ، وَاتَّبِعْ يَا لُوطُ أَدْبَارَ أَهْلِكَ الَّذِينَ تَسْرِي بِهِمْ وَكُنْ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَسِرْ خَلْفَهُمْ وَهُمْ أَمَامَكَ، وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ وَرَاءَهُ أَحَدٌ، وَامْضُوا حَيْثُ يَأْمُرُكُمُ اللَّهُ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثنا الْحَسَنُ، عَنْ وَرْقَاءَ جَمِيعًا، عَنِابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ‏}‏ لَا يَلْتَفِتْ وَرَاءَهُ أَحَدٌ، وَلَا يُعَرِّجْ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ‏:‏ ثنا شَبَابَةُ، قَالَ‏:‏ ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ ‏{‏وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ‏}‏‏:‏ لَا يَنْظُرْ وَرَاءَهُ أَحَدٌ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ‏:‏ ثنا شِبْلٌ؛ وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ‏:‏ ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ‏.‏ ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ‏:‏ ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ‏}‏ قَالَ‏:‏ أُمِرَ أَنْ يَكُونَ خَلْفَ أَهْلِهِ، يَتَّبِعَ أَدْبَارَهُمْ فِي آخِرِهِمْ إِذَا مَشَوْا‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ‏}‏ قَالَ‏:‏ بَعْضُ اللَّيْلِ ‏{‏وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ‏}‏‏:‏ أَدْبَارُ أَهْلِهِ‏.‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏66- 67‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ‏}‏‏.‏

يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ وَفَرَغْنَا إِلَى لُوطٍ مِنْ ذَلِكَ الْأَمْرِ، وَأَوْحَيْنَا أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ‏:‏ يَقُولُ‏:‏ إِنَّ آخِرَ قَوْمِكَ وَأَوَّلَهُمْ مَجْذُوذٌ مُسْتَأْصَلٌ صَبَاحَ لَيْلَتِهِمْ، وَأَنَّ مِنْ قَوْلِهِ ‏(‏أَنَّ دَابِرَ‏)‏ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ رَدًّا عَلَى الْأَمْرِ بِوُقُوعِ الْقَضَاءِ عَلَيْهَا‏.‏ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِفَقْدِ الْخَافِضِ، وَيَكُونُ مَعْنَاهُ‏:‏ وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ بِأَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ‏.‏ وَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ‏:‏ وَقُلْنَا إِنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ‏.‏ وَعَنَى بِقَوْلِهِ ‏(‏مُصْبِحِينَ‏)‏‏:‏ إِذَا أَصْبَحُوا، أَوْ حِينَ يُصْبِحُونَ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ‏:‏ ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ‏:‏ ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ ‏{‏أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ‏}‏ يَعْنِي‏:‏ اسْتِئْصَالَ هَلَاكِهِمْ مُصْبِحِينَ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ‏}‏ قَالَ‏:‏ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ‏.‏

وَقَوْلُهُ ‏{‏وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ وَجَاءَ أَهْلُ مَدِينَةِ سَدُومَ وَهُمْ قَوْمُ لُوطٍ لَمَّا سَمِعُوا أَنَّ ضَيْفًا قَدْ ضَافَ لُوطًا مُسْتَبْشِرِينَ بِنُـزُولِهِمْ مَدِينَتَهُمْ طَمَعًا مِنْهُمْ فِي رُكُوبِ الْفَاحِشَةِ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثنا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ ‏{‏وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ‏}‏ اسْتَبْشَرُوا بِأَضْيَافِ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لُوطٍ، حِينَ نَـزَلُوا لِمَا أَرَادُوا أَنْ يَأْتُوا إِلَيْهِمْ مِنَ الْمُنْكَرِ‏.‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏68- 70‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ‏}‏‏.‏

يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ قَالَ لُوطٌ لِقَوْمِهِ‏:‏ إِنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ جِئْتُمُوهُمْ تُرِيدُونَ مِنْهُمُ الْفَاحِشَةَ ضَيْفِي، وَحَقٌّ عَلَى الرَّجُلِ إِكْرَامُ ضَيْفِهِ، فَلَا تَفْضَحُونِ أَيُّهَا الْقَوْمُ فِي ضَيْفِي، وَأَكْرِمُونِي فِي تَرْكِكُمُ التَّعَرُّضَ لَهُمْ بِالْمَكْرُوهِ، وَقَوْلُهُ ‏{‏وَاتَّقُوا اللَّهَ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ وَخَافُوا اللَّهَ فِيَّ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَنْ يَحِلَّ بِكُمْ عِقَابُهُ ‏{‏وَلَا تُخْزُونِ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ وَلَا تُذِلُّونِي وَلَا تُهِينُونِي فِيهِمْ، بِالتَّعَرُّضِ لَهُمْ بِالْمَكْرُوهِ ‏{‏قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ قَالَ لِلُوطٍ قَوْمُهُ‏:‏ أَوَلَمْ نَنْهَكَ أَنْ تُضِيفَ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثنا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ ‏{‏أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ أَلَمْ نَنْهَكَ أَنْ تُضِيفَ أَحَدًا‏؟‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏71- 73‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ‏}‏‏.‏

يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ قَالَ لُوطٌ لِقَوْمِهِ‏:‏ تَزَوَّجُوا النِّسَاءَ فَأْتُوهُنَّ، وَلَا تَفْعَلُوا مَا قَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِنْ إِتْيَانِ الرِّجَالِ، إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ مَا آمُرُكُمْ بِهِ، وَمُنْتَهِينَ إِلَى أَمْرِي‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثنا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ‏}‏‏:‏ أَمَرَهُمْ نَبِيُّ اللَّهِ لُوطٌ أَنْ يَتَزَوَّجُوا النِّسَاءَ، وَأَرَادَ أَنْ يَقِيَ أَضْيَافَهُ بِبَنَاتِهِ‏.‏

وَقَوْلُهُ ‏{‏لَعَمْرُكَ‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ وَحَيَاتِكَ يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ قَوْمَكَ مِنْ قُرَيْشٍ ‏{‏لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ لَفِي ضَلَالَتِهِمْ وَجَهْلِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ‏:‏ ثنا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثنا عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ مَا خَلَقَ اللَّهُ وَمَا ذَرَأَ وَمَا بَرَأَ نَفْسًا أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا سَمِعْتُ اللَّهَ أَقْسَمَ بِحَيَاةِ أَحَدٍ غَيْرَهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ ‏{‏لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ‏}‏‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ‏:‏ ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ‏:‏ ثنا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ‏:‏ ثنا عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ ‏{‏لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ‏}‏ قَالَ‏:‏ مَا حَلَفَ اللَّهُ تَعَالَى بِحَيَاةِ أَحَدٍ إِلَّا بِحَيَاةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ‏:‏ وَحَيَاتِكَ يَا مُحَمَّدُ وَعَمْرِكَ وَبَقَائِكَ فِي الدُّنْيَا ‏{‏إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ‏}‏‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثنا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ ‏{‏لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ‏}‏‏.‏

‏)‏ وَهِيَ كَلِمَةٌ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، لَفِي سَكْرَتِهِمْ‏:‏ أَيْ فِي ضَلَالَتِهِمْ يَعْمَهُونَ‏:‏ أَيْ يَلْعَبُونَ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ‏:‏ سَأَلْتُ الْأَعْمَشَ، عَنْ قَوْلِهِ ‏{‏لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ‏}‏ قَالَ‏:‏ لَفِي غَفْلَتِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ ‏{‏فِي سَكْرَتِهِمْ‏}‏ قَالَ‏:‏ فِي ضَلَالَتِهِمْ يَعْمَهُونَ قَالَ‏:‏ يَلْعَبُونَ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ مُجَاهِدٌ ‏(‏يَعْمَهُونَ‏)‏ قَالَ‏:‏ يَتَرَدَّدُونَ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ ‏(‏لَعَمْرُكَ‏)‏ يَقُولُ‏:‏ لَعَيْشُكَ ‏{‏إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ‏}‏ قَالَ‏:‏ يَتَمَادُونَ‏.‏

حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، قَالَ‏:‏ ثنا مُعَاوِيَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ‏:‏ كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ‏:‏ لَعَمْرِي، يَرَوْنَهُ كَقَوْلِهِ‏:‏ وَحَيَاتِي‏.‏

وَقَوْلُهُ ‏{‏فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ، وَهِيَ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ‏:‏ يَقُولُ‏:‏ إِذَا أَشْرَقُوا، وَمَعْنَاهُ‏:‏ إِذَا أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ، وَنَصْبُ مُشْرِقِينَ وَمُصْبِحِينَ عَلَى الْحَالِ بِمَعْنَى‏:‏ إِذَا أَصْبَحُوا، وَإِذَا أَشْرَقُوا، يُقَالُ مِنْهُ‏:‏ صِيحَ بِهِمْ، إِذَا أُهْلَكُوا‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ‏:‏ ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ‏:‏ ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ‏{‏فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ حِينَ أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ ذَلِكَ مُشْرِقِينَ‏.‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏74- 75‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ‏}‏‏.‏

يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ فَجَعَلْنَا عَالِيَ أَرْضِهِمْ سَافِلَهَا، وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثنا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ ‏{‏وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ‏}‏ أَيْ مِنْ طِينٍ‏.‏

وَقَوْلُهُ ‏{‏إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ إِنَّ فِي الَّذِي فَعَلْنَا بِقَوْمِ لُوطٍ مِنْ إِهْلَاكِهِمْ، وَأَحْلَلْنَا بِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ لَعَلَامَاتٍ وَدَلَالَاتٍ لِلْمُتَفَرِّسِينَ الْمُعْتَبِرِينَ بِعَلَامَاتِ اللَّهِ، وَعِبَرِهِ عَلَى عَوَاقِبِ أُمُورِ أَهْلِ مَعَاصِيهِ وَالْكُفْرِ بِهِ‏.‏ وَإِنَّمَا يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِذَلِكَ قَوْمَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قُرَيْشٍ، يَقُولُ‏:‏ فَلِقَوْمِكَ يَا مُحَمَّدُ فِي قَوْمِ لُوطٍ، وَمَا حَلَّ بِهِمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ حِينَ كَذَّبُوا رَسُولَهُمْ، وَتَمَادَوْا فِي غَيِّهِمْ، وَضَلَالِهِمْ، مُعْتَبَرٌ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ ‏{‏لِلْمُتَوَسِّمِينَ‏}‏ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ وَاصِلٍ قَالَ‏:‏ ثنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ لِلْمُتَفَرِّسِينَ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ الزَّعْفَرَانِيُّ، قَالَ‏:‏ ثني مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثني عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ‏}‏ قَالَ لِلْمُتَفَرِّسِينَ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثنا الْحَسَنُ، قَالَ‏:‏ ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ‏:‏ ثنا شَبَابَةُ، قَالَ‏:‏ ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ‏:‏ ثنا شِبْلٌ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ‏:‏ ثنا شِبْلٌ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ‏:‏ ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ‏:‏ ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ‏:‏ الْمُتَوَسِّمِينَ، الْمُتَفَرِّسِينَ، قَالَ‏:‏ تَوَسَّمْتُ فِيكَ الْخَيْرَ نَافِلَةً‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْمُتَفَرِّسِينَ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ لِلنَّاظِرِينَ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ ‏{‏لِلْمُتَوَسِّمِينَ‏}‏ قَالَ لِلنَّاظِرِينَ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثنا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ‏}‏‏:‏ أَيْ لِلْمُعْتَبِرِينَ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ‏:‏ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ ‏{‏لِلْمُتَوَسِّمِينَ‏}‏ أَيْ‏:‏ لِلْمُعْتَبِرِينَ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ، قَالَ‏:‏ ثني حَسَنُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ‏:‏ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ «اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ‏.‏ ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏{‏إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ‏}‏»‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّوْسِيُّ، قَالَ‏:‏ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، قَالَ‏:‏ ثنا عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ الْمُلَائِيُّ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمِثْلِهِ‏.‏

حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّوْسِيُّ، قَالَ‏:‏ ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ‏:‏ ثنا الْفُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ، قَالَ‏:‏ ثنا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ «اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّه»‏.‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ وَاصِلٍ، قَالَ‏:‏ ثني سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرْمِيُّ، قَالَ‏:‏ ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ وَاصِلٍ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو بِشْرٍ الْمُزَلِّقُ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ «إِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا يَعْرِفُونَ النَّاسَ بِالتَّوَسُّم»‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْمُتَفَكِّرُونَ وَالْمُعْتَبِرُونَ الَّذِينَ يَتَوَسَّمُونَ الْأَشْيَاءَ، وَيَتَفَكَّرُونَ فِيهَا وَيَعْتَبِرُونَ‏.‏

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ‏:‏ ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ ‏{‏لِلْمُتَوَسِّمِينَ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ لِلنَّاظِرِينَ‏.‏

حَدَّثَنِي أَبُو شُرَحْبِيلَ الْحِمْصِيُّ، قَالَ‏:‏ ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ‏:‏ ثنا الْمُؤَمَّلُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ يُوسُفَ الرَّحَبِيُّ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو الْمُعَلَّى أَسَدُ بْنُ وَدَاعَةَ الطَّائِيُّ، قَالَ‏:‏ ثنا وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ، عَنْ طَاوُسِ بْنِ كِيسَانَ، عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ «احْذَرُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ، وَيَنْطِقُ بِتَوْفِيقِ اللَّه»‏.‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏76- 77‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ‏}‏‏.‏

يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ وَإِنَّ هَذِهِ الْمَدِينَةَ، مَدِينَةُ سَدُومَ، لَبِطَرِيقٍ وَاضِحٍ مُقِيمٍ يَرَاهَا الْمُجْتَازُ بِهَا لَا خَفَاءَ بِهَا، وَلَا يَبْرَحُ مَكَانَهَا، فَيَجْهَلُ ذُو لُبٍّ أَمْرَهَا، وَغِبُّ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَالْكَفْرِ بِهِ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ وَرْقَاءَ، وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ‏:‏ ثنا شَبَابَةُ، قَالَ‏:‏ ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثنا الْحَسَنُ، قَالَ‏:‏ ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ‏:‏ ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثنا عِيسَى، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ ‏{‏وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ لَبِطَرِيقٍ مُعَلَّمٍ‏.‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ‏:‏ ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ‏:‏ ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثنا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ بِطَرِيقٍ وَاضِحٍ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ ‏{‏وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ طَرِيقٍ، السَّبِيلُ‏:‏ الطَّرِيقُ‏.‏

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ‏:‏ ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ ‏{‏لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ بِطَرِيقٍ مُعَلَّمٍ‏.‏

وَقَوْلِهِ ‏{‏إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ إِنَّ فِي صَنِيعِنَا بِقَوْمِ لُوطٍ مَا صَنَعْنَا بِهِمْ، لِعَلَامَةٌ وَدَلَالَةٌ بَيِّنَةٌ لِمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ عَلَى انْتِقَامِهِ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ بِهِ، وَإِنْقَاذِهِ مِنْ عَذَابِهِ، إِذَا نَـزَلَ بِقَوْمِ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِهِ مِنْهُمْ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ‏:‏ ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً‏}‏ قَالَ‏:‏ هُوَ كَالرَّجُلِ يَقُولُ لِأَهْلِهِ‏:‏ عَلَامَةُ مَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ أَنْ أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ خَاتَمِي، أَوْ آيَةَ كَذَا وَكَذَا‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏{‏إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً‏}‏ قَالَ‏:‏ أَمَا تَرَى الرَّجُلَ يُرْسِلُ بِخَاتَمِهِ إِلَى أَهْلِهِ فَيَقُولُ‏:‏ هَاتُوا خُذِي، هَاتُوا خُذِي، فَإِذَا رَأَوْهُ عَلِمُوا أَنَّهُ حَقٌّ‏.‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏78- 79‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ‏}‏‏.‏

يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ وَقَدْ كَانَ أَصْحَابِ الْغَيْضَةِ ظَالِمِينَ، يَقُولُ‏:‏ كَانُوا بِاللَّهِ كَافِرِينَ، وَالْأَيْكَةُ‏:‏ الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ الْمُجْتَمِعُ، كَمَا قَالَ أُمَيَّةُ‏:‏

كَبُكَـا الْحَمَـامِ عَـلَى فُـرُو *** عِ الْأَيْـكِ فِـي الْغُصُـنِ الْجَـوَانِحْ

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، قَالَ‏:‏ ثنا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، قَالَ، قَوْلُهُ ‏{‏أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ‏}‏ قَالَ‏:‏ الشَّجَرُ، وَكَانُوا يَأْكُلُونَ فِي الصَّيْفِ الْفَاكِهَةَ الرَّطْبَةَ، وَفِي الشِّتَاءِ الْيَابِسَةَ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثنا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ ‏{‏وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ‏}‏ ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ غَيْضَةٍ‏.‏ وَكَانَ عَامَّةُ شَجَرِهِمْ هَذَا الدَّوْمُ‏.‏ وَكَانَ رَسُولُهُمْ فِيمَا بَلَغَنَا شُعَيْبٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَإِلَى أَهْلِ مَدْيَنَ، أُرْسِلَ إِلَى أُمَّتَيْنِ مِنَ النَّاسِ، وَعُذِّبَتَا بِعَذَابَيْنِ شَتَّى‏.‏ أَمَّا أَهْلُ مَدِينَ، فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ، وَأَمَّا أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ، فَكَانُوا أَهْلَ شَجَرٍ مُتَكَاوِسٍ، ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ سُلِّطَ عَلَيْهِمُ الْحَرُّ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، لَا يُظَلِّلُهُمْ مِنْهُ ظَلٌّ، وَلَا يَمْنَعُهُمْ مِنْهُ شَيْءٌ، فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ سَحَابَةً، فَحَلُّوا تَحْتَهَا يَلْتَمِسُونَ الرَّوْحَ فِيهَا، فَجَعَلَهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَذَابًا، بَعَثَ عَلَيْهِمْ نَارًا فَاضْطَرَمَتْ عَلَيْهِمْ فَأَكَلَتْهُمْ، فَذَلِكَ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ، إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ‏:‏ ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَمَّادٍ، قَالَ‏:‏ ثنا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ‏:‏ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ‏:‏ أَصْحَابُ غَيْضَةٍ‏.‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ‏:‏ ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ‏:‏ ثني حَجَّاجٌ، قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، قَوْلُهُ ‏{‏وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ قَوْمُ شُعَيْبٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ الْأَيْكَةُ ذَاتُ آجَامٍ وَشَجَرٍ كَانُوا فِيهَا‏.‏

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ‏:‏ ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الضِّحَّاكَ يَقُولُ‏:‏ فِي قَوْلِهِ ‏{‏أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ‏}‏ قَالَ‏:‏ هُمْ قَوْمُ شُعَيْبٍ، وَالْأَيْكَةُ‏:‏ الْغَيْضَةُ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ إِنَّ أَصْحَابَ الْأَيْكَةِ، وَالْأَيْكَةُ‏:‏ الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ‏.‏

وَقَوْلُهُ ‏{‏فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ فَانْتَقَمْنَا مِنْ ظُلْمَةِ أَصْحَابِ الْأَيْكَةِ‏.‏ وَقَوْلُهُ ‏{‏وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ وَإِنَّ مَدِينَةَ أَصْحَابِ الْأَيْكَةِ، وَمَدِينَةَ قَوْمِ لُوطٍ، وَالْهَاءُ وَالْمِيمُ فِي قَوْلِهِ ‏(‏وَإِنَّهُمَا‏)‏ مِنْ ذِكْرِ الْمَدِينَتَيْنِ‏.‏ ‏(‏لَبِإِمَامٍ‏)‏ يَقُولُ‏:‏ لِبِطْرِيقٍ يَأْتَمُّونَ بِهِ فِي سَفَرِهِمْ، وَيَهْتَدُونَ بِهِ ‏(‏مُبِينٍ‏)‏ يَقُولُ‏:‏ يُبَيِّنُ لِمَنِ ائْتَمَّ بِهِ اسْتِقَامَتَهُ، وَإِنَّمَا جُعِلَ الطَّرِيقُ إِمَامًا لِأَنَّهُ يُؤَمُّ وَيُتَّبَعُ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ ‏{‏وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ عَلَى الطَّرِيقِ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ‏:‏ ثني أَبِي، قَالَ‏:‏ ثني عَمِّي، قَالَ‏:‏ ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ ‏{‏فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ طَرِيقٍ ظَاهِرٍ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثنا الْحَسَنُ، قَالَ‏:‏ ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ‏:‏ ثنا شَبَابَةُ، قَالَ‏:‏ ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى‏.‏ قَالَ‏:‏ ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ‏:‏ ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ‏:‏ ثنا شِبْلٌ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ بِطَرِيقٍ مُعَلَّمٍ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ طَرِيقٍ وَاضِحٍ‏.‏

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ‏:‏ أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ ‏{‏لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ‏}‏ بِطَرِيقٍ مُسْتَبِينٍ‏.‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏80- 81‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ‏}‏‏.‏

يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ وَلَقَدْ كَذَّبَ سُكَّانُ الْحِجْرِ، وَجُعِلُوا لِسُكْنَاهُمْ فِيهَا وَمُقَامِهِمْ بِهَا أَصْحَابُهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ ‏{‏وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا‏}‏ فَجَعَلَهُمْ أَصْحَابَهَا لِسُكْنَاهُمْ فِيهَا وَمُقَامِهِمْ بِهَا‏.‏ وَالْحِجْرُ‏:‏ مَدِينَةُ ثَمُودَ‏.‏

وَكَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ فِي مَعْنَى الْحِجْرِ، مَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ‌ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ أَصْحَابُ الْحِجْرِ‏:‏ قَالَ‏:‏ أَصْحَابُ الْوَادِي‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَهُوَ يَذْكُرُ الْحِجْرَ مَسَاكِنَ ثَمُودَ قَالَ‏:‏ قَالَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ‏:‏ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ «مَرَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْحِجْرِ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ حَذَرًا أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ، ثُمَّ زَجَرَ فَأَسْرَعَ حَتَّى خَلَّفَهَا»‏)‏‏.‏

حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبَانَ الْمِصْرِيُّ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي عِبَّادٍ الْمَكِّيُّ، قَالَ‏:‏ ثنا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنِ ابْنِ سَابِطٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَهُوَ بِالْحِجْرِ‏:‏ ‏"‏ هَؤُلَاءِ قَوْمُ صَالِحٍ أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ إِلَّا رَجُلًا كَانَ فِي حَرَمِ اللَّهُ مَنَعَهُ حَرَمُ اللَّهِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، قِيلَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُوَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ أَبُو رِغَالٍ ‏"‏»‏.‏

وَقَوْلُهُ ‏{‏وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ وَأَرَيْنَاهُمْ أَدِلَّتَنَا وَحُجَجَنَا عَلَى حَقِيقَةِ مَا بَعَثْنَا بِهِ إِلَيْهِمْ رَسُولَنَا صَالِحًا، فَكَانُوا عَنْ آيَاتِنَا الَّتِي آتَيْنَاهُمُوهَا مُعْرِضِينَ لَا يَعْتَبِرُونَ بِهَا وَلَا يَتَّعِظُونَ‏.‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏82- 84‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ‏}‏‏.‏

يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ وَكَانَ أَصْحَابُ الْحَجَرِ، وَهُمْ ثَمُودُ قَوْمُ صَالِحٍ، ‏{‏يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ‏}‏ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، وَقِيلَ‏:‏ آمَنِينَ مِنَ الْخَرَابِ أَنْ تَخْرَبَ بُيُوتُهُمُ الَّتِي نَحَتُوهَا مِنَ الْجِبَالِ‏.‏ وَقِيلَ‏:‏ آمَنِينَ مِنَ الْمَوْتِ‏.‏ وَقَوْلُهُ ‏{‏فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ فَأَخَذَتْهُمْ صَيْحَةُ الْهَلَاكِ حِين أَصْبَحُوا مِنَ الْيَوْمِ الرَّابِعِ مِنَ الْيَوْمِ الَّذِي وُعِدُوا الْعَذَابَ، وَقِيلَ لَهُمْ‏:‏ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ‏.‏ وَقَوْلُهُ ‏{‏فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ فَمَا دَفَعَ عَنْهُمْ عَذَابُ اللَّهِ مَا كَانُوا يَجْتَرِحُونَ مِنَ الْأَعْمَالِ الْخَبِيثَةِ قَبْلَ ذَلِكَ‏.‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏85- 86‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ‏}‏‏.‏

يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ وَمَا خَلَقْنَا الْخَلَائِقَ كُلَّهَا، سَمَاءَهَا وَأَرْضَهَا، مَا فِيهِمَا وَمَا بَيْنَهُمَا، يَعْنِي بِقَوْلِهِ ‏{‏وَمَا بَيْنَهُمَا‏}‏ مِمَّا فِي أَطْبَاقِ ذَلِكَ ‏{‏إِلَّا بِالْحَقِّ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ إِلَّا بِالْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ، لَا بِالظُّلْمِ وَالْجَوْرِ، وَإِنَّمَا يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِذَلِكَ‏:‏ أَنَّهُ لَمْ يَظْلِمْ أَحَدًا مِنَ الْأُمَمِ الَّتِي اقْتَصَّ قَصَصَهَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ، وَقَصَصَ إِهْلَاكِهِ إِيَّاهَا بِمَا فَعَلَ بِهِ مِنْ تَعْجِيلِ النِّقْمَةِ لَهُ عَلَى كُفْرِهِ بِهِ، فَيُعَذِّبُهُ وَيُهْلِكُهُ بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يَخْلُقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بِالظُّلْمِ وَالْجَوْرِ، وَلَكِنَّهُ خَلَقَ ذَلِكَ بِالْحَقِّ وَالْعَدْلِ‏.‏ وَقَوْلُهُ ‏{‏وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ وَإِنَّ السَّاعَةَ، وَهِيَ السَّاعَةُ الَّتِي تَقُومُ فِيهَا الْقِيَامَةُ لِجَائِيَةٌ، فَارْضَ بِهَا لِمُشْرِكِي قَوْمِكَ الَّذِينَ كَذَّبُوكَ، وَرَدُّوا عَلَيْكَ مَا جِئْتَهُمْ بِهِ مِنَ الْحَقِّ، ‏{‏فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ إِعْرَاضًا جَمِيلًا وَاعْفُ عَنْهُمْ عَفْوًا حَسَنًا وَقَوْلُهُ ‏{‏إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الَّذِي خَلَقَهُمْ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ، وَهُوَ عَالِمٌ بِهِمْ وَبِتَدْبِيرِهِمْ، وَمَا يَأْتُونَ مِنَ الْأَفْعَالِ، وَكَانَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ تَقُولُ‏:‏ هَذِهِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثنا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ ‏{‏فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ‏}‏ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بَعْدُ، فَأَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقِتَالِهِمْ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، لَا يَقْبَلُ مِنْهُمْ غَيْرَهُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا سُوِيدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ‏}‏، ‏{‏فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ‏}‏ ‏{‏وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ‏}‏ وَ ‏{‏قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ‏}‏ وَهَذَا النَّحْوُ كُلُّهُ فِي الْقُرْآنِ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُ، حَتَّى أَمَرَهُ بِالْقِتَالِ، فَنَسَخَ ذَلِكَ كُلَّهُ‏.‏ فَقَالَ ‏{‏وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ‏}‏‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبِي، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ‏}‏ قَالَ‏:‏ هَذَا قَبْلَ الْقِتَالِ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ‏:‏ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ‏}‏ وَقَوْلُهُ ‏{‏وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ يَنْـزِلَ الْجِهَادُ‏.‏ فَلَمَّا أُمِرَ بِالْجِهَادِ قَاتَلَهُمْ فَقَالَ‏:‏ «أَنَا نَبِيُّ الرِّحْمَةِ وَنَبِيُّ الْمَلْحَمَةِ، وَبُعِثْتُ بِالْحَصَادِ وَلَمْ أُبْعَثْ بِالزِّرَاعَة»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏87‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ‏}‏‏.‏

اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِيمَعْنَى السَّبْعِ الَّذِي أَتَى اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَثَانِي، فَقَالَ بَعْضُهُمْ عَنَى بِالسَّبْعِ‏:‏ السَّبْعُ السُّورِ مِنْ أَوَّلِ الْقُرْآنِ اللَّوَاتِي يُعْرَفْنَ بِالطُّوَلِ، وَقَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَةِ مُخْتَلِفُونَ فِي الْمَثَانِي، فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ‏:‏ الْمَثَانِي هَذِهِ السَّبْعُ، وَإِنَّمَا سُمِّينَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُنَّ ثُنِّيَ فِيهِنَّ الْأَمْثَالُ وَالْخَبَرُ وَالْعِبَرُ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي‏}‏ قَالَ‏:‏ السَّبْعُ الطُّوَلُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَعِيدٍ الْجَرِيرِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ‏:‏ السَّبْعُ الطُّوَلُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي‏}‏ قَالَ‏:‏ السَّبْعُ الطُّوَلُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْعِيزَارِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ هُنَّ السَّبْعُ الطُّوَلُ، وَلَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ إِلَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُعْطِيَ مُوسَى مِنْهُنَّ اثْنَتَيْنِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، وَابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَا ثنا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ أُوتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي الطُّوَلِ، وَأُوتِيَ مُوسَى سِتًّا، فَلَمَّا أَلْقَى الْأَلْوَاحَ رُفِعَتِ اثْنَتَانِ وَبَقِيَتْ أَرْبَعٌ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ‏:‏ ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ‏:‏ ثنا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي‏}‏ قَالَ‏:‏ الْبَقَرَةُ، وَآلُ عِمْرَانَ، وَالنِّسَاءُ، وَالْمَائِدَةُ، وَالْأَنْعَامُ، وَالْأَعْرَافُ‏.‏ قَالَ إِسْرَائِيلُ‏:‏ وَذَكَرَ السَّابِعَةَ فَنَسِيتُهَا‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ‏:‏ ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي‏}‏ قَالَ‏:‏ هِيَ الطُّوَلُ‏:‏ الْبَقَرَةُ، وَآلُ عِمْرَانَ، وَالنِّسَاءُ، وَالْمَائِدَةُ، وَالْأَنْعَامُ، وَالْأَعْرَافُ، وَيُونُسُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ‏:‏ ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْبَقَرَةُ، وَآلُ عِمْرَانَ، وَالنِّسَاءُ وَالْمَائِدَةُ وَالْأَنْعَامُ، وَالْأَعْرَافُ، وَيُونُسُ، فِيهِنَّ الْفَرَائِضُ وَالْحُدُودُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، بِنَحْوِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبِي، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ خُوَّاتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ‏:‏ السَّبْعُ، الطُّوَلُ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ‏:‏ ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ أَبُو بِشْرٍ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ‏:‏ هُنَّ السَّبْعُ الطُّوَلُ‏.‏ قَالَ‏:‏ وَقَالَ مُجَاهِدٌ هُنَّ السَّبْعُ الطُّوَلُ‏.‏ قَالَ‏:‏ وَيُقَالُ‏:‏ هُنَّ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ‏:‏ ثنا شَبَابَةُ، قَالَ‏:‏ ثنا سَعِيدٌ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيد، فِي قَوْلِهِ ‏{‏سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْبَقَرَةُ، وَآلُ عِمْرَانَ، وَالنِّسَاءُ، وَالْمَائِدَةُ، وَالْأَنْعَامُ، وَالْأَعْرَافُ، وَيُونُسُ، تُثَنَّى فِيهَا الْأَحْكَامُ وَالْفَرَائِضُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ‏:‏ ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ‏:‏ هُنَّ السَّبْعُ الطُّوَلُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ‏:‏ ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ‏:‏ ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي‏}‏ قَالَ‏:‏ الْبَقَرَةُ، وَآلُ عِمْرَانَ، وَالنِّسَاءُ، وَالْمَائِدَةُ، وَالْأَنْعَامُ، وَالْأَعْرَافُ، وَيُونُسُ‏.‏ قَالَ‏:‏ قُلْتُ‏:‏ مَا الْمَثَانِي‏؟‏ قَالَ‏:‏ يُثَنَّى فِيهِنَّ الْقَضَاءُ وَالْقَصَصُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ‏:‏ ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي‏}‏ قَالَ‏:‏ الْبَقَرَةُ، وَآلُ عِمْرَانَ، وَالنِّسَاءُ، وَالْمَائِدَةُ، وَالْأَنْعَامُ، وَالْأَعْرَافُ، وَيُونُسُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ‏:‏ ثنا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ السَّبْعُ الطُّوَلُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو خَالِدٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ‏:‏ ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ‏:‏ ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ لَيْثًا، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ‏:‏ هِيَ السَّبْعُ الطُّوَلُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ‏:‏ ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي‏}‏ قَالَ‏:‏ هِيَ السَّبْعُ الطُّوَلُ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثنا الْحَسَنُ قَالَ‏:‏ ثنا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ‏}‏ قَالَ‏:‏ مِنَ الْقُرْآنِ السَّبْعُ الطُّوَلُ السَّبْعُ الْأُوَلُ

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ‏:‏ ثنا شَبَابَةُ، قَالَ‏:‏ ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ وَابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ‏:‏ هُنَّ السَّبْعُ الطُّوَلُ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ‏:‏ السَّبْعُ الطُّوَلُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ هِيَ الْأَمْثَالُ وَالْخَبَرُ وَالْعِبَرُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ خُوَّاتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ‏:‏ هِيَ السَّبْعُ الطُّوَلُ، أُعْطِيَ مُوسَى سِتًّا، وَأُعْطِيَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعًا‏.‏

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ‏:‏ ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ‏.‏ سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي‏}‏ يَعْنِي السَّبْعَ الطُّوَلَ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ عَنَى بِذَلِكَ‏:‏ سَبْعَ آيَاتٍ، وَقَالُوا‏:‏ هُنَّ آيَاتُ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ، لِأَنَّهُنَّ سَبْعُ آيَاتٍ، وَهُمْ أَيْضًا مُخْتَلِفُونَ فِي مَعْنَى الْمَثَانِي، فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ إِنَّمَا سُمِّينَ مَثَانِي لِأَنَّهُنَّ يُثَنَّيْنَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنَ الصَّلَاةِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ سَعِيدٍ الْجَرِيرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، قَالَ‏:‏ قَالَ رَجُلٌ مِنَّا يُقَالُ لَهُ‏:‏ جَابِرٌ أَوْ جُوَيْبِرٌ طَلَبْتُ إِلَى عُمَرَ حَاجَةً فِي خِلَافَتِهِ، فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ لَيْلًا فَمَثُلْتُ بَيْنَ أَنْ أَتَّخِذَ مَنْـزِلًا وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ، فَاخْتَرْتُ الْمَسْجِدَ مَنْـزِلًا فَأُرِّقْتُ نَشْوًا مِنْ آخَرِ اللَّيْلِ، فَإِذَا إِلَى جَنْبَيْ رَجُلٌ يُصَلِّي يَقْرَأُ بِأُمِّ الْكِتَابِ، ثُمَّ يُسَبِّحُ قَدْرَ السُّورَةِ، ثُمَّ يَرْكَعُ وَلَا يَقْرَأُ، فَلَمْ أَعْرِفْهُ حَتَّى جَهَرَ، فَإِذَا هُوَ عُمَرُ، فَكَانَتْ فِي نَفْسِي، فَغَدَوْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ‏:‏ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَاجَةٌ مَعَ حَاجَةٍ، قَالَ‏:‏ هَاتِ حَاجَتَكَ، قُلْتُ‏:‏ إِنِّي قَدِمْتُ لَيْلًا فَمَثُلْتُ بَيْنَ أَنْ أَتَّخِذَ مَنْـزِلًا وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ، فَاخْتَرْتُ الْمَسْجِدَ، فَأُرِّقْتُ نَشْوًا مِنْ آخَرِ اللَّيْلِ، فَإِذَا إِلَى جَنْبِي رَجُلٌ يَقْرَأُ بِأُمِّ الْكِتَابِ، ثُمَّ يُسَبِّحُ قَدْرَ السُّورَةِ ثُمَّ يَرْكَعُ وَلَا يَقْرَأُ، فَلَمْ أَعْرِفْهُ حَتَّى جَهَرَ، فَإِذَا هُوَ أَنْتَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ نَفْعَلُ قِبَلَنَا‏.‏ قَالَ‏:‏ وَكَيْفَ تَفْعَلُونَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ يَقْرَأُ أَحَدُنَا أُمَّ الْكِتَابِ، ثُمَّ يَفْتَتِحُ السُّورَةَ فَيَقْرَؤُهَا، قَالَ‏:‏ مَا لَهُمْ يَعْلَمُونَ وَلَا يَعْمَلُونَ، مَا لَهُمْ يَعْلَمُونَ وَلَا يَعْمَلُونَ، مَا لَهُمْ يَعْلَمُونَ وَلَا يَعْمَلُونَ‏؟‏ وَمَا تَبْغِي عَنِ السَّبْعِ الْمَثَانِي، وَعَنِ التَّسْبِيحِ صَلَاةِ الْخَلْقِ‏.‏

حَدَّثَنِي طُلَيْقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ، عَنْ الْجَرِيرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرٍ أَوْ جُوَيْبِرٍ، عَنْ عُمَرَ بِنَحْوِهِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ‏:‏ فَقَالَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَا تَيَسَّرَ أَحْيَانًا، وَيُسَبِّحُ أَحْيَانًا، مَا لَهُمْ رَغْبَةٌ عَنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَمَا يَبْتَغِي بَعْدَ الْمَثَانِي، وَصَلَاةُ الْخَلْقِ التَّسْبِيحُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ ثنا يَحْيَى، قَالَ‏:‏ ثنا سُفْيَانُ، عَنْ السُّدِّيِّ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ‏:‏ السَّبْعُ الْمَثَانِي‏:‏ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ‏.‏

حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ‏:‏ ثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَسُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ السُّدِّيِّ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبِي، وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو أَحْمَدَ جَمِيعًا، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ السُّدِّيِّ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ ‏"‏ وَابْنُ وَكِيعٍ ‏"‏، قَالَا ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ‏:‏ ثنا هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ‏:‏ سُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَنْ سَبْعٍ مِنَ الْمَثَانِي، قَالَ‏:‏ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ‏:‏ ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي‏}‏ قَالَ‏:‏ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، قَالَ‏:‏ وَقَالَ ابْنُ سِيِرِينَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ‏:‏ هِيَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ‏{‏سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي‏}‏ قَالَ‏:‏ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ‏.‏

حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأُمَوِيُّ، قَالَ‏:‏ ثني أَبِي، قَالَ‏:‏ ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا أَبِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي‏}‏ قَالَ‏:‏ هِيَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، فَقَرَأَهَا عَلَيَّ سِتًّا، ثُمَّ قَالَ‏:‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْآيَةُ السَّابِعَةُ، قَالَ سَعِيدٌ‏:‏ وَقَرَأَهَا ابْنُ عَيَّاشٍ عَلَيَّ كَمَا قَرَأَهَا عَلَيْكَ، ثُمَّ قَالَ الْآيَةُ السَّابِعَةُ‏:‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ قَدْ أَخْرَجَهَا اللَّهُ لَكُمْ وَمَا أَخْرَجَهَا لِأَحَدٍ قَبْلَكُمْ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ فَاسْتَفْتَحَ بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، ثُمَّ قَرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ، ثُمَّ قَالَ‏:‏ تَدْرِي مَا هَذَا ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي‏}‏‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ‏:‏ ثني أَبِي، قَالَ‏:‏ ثني عَمِّي، قَالَ‏:‏ ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي‏}‏ يَقُولُ‏:‏ السَّبْعُ‏:‏ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ‏.‏ وَيُقَالُ‏:‏ هُنَّ السَّبْعُ الطُّوَلُ، وَهُنَّ الْمِئُونَ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ‏:‏ ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ‏.‏

حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى الْقَزَّازُ، قَالَ‏:‏ ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ، قَالَ‏:‏ ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سُوِيدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ وَعَنْ أَبِي فَاخِتَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ‏}‏ قَالَا هِيَ أُمُّ الْكِتَابِ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا وَهَبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ‏:‏ ثنا شُعْبَةُ، عَنْ السُّدِّيِّ عَمَّنْ سَمِعَ عَلِيًّا يَقُولُ‏:‏ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْمُثَنَّى، قَالَا ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ‏:‏ ثنا شُعْبَةُ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الْعَلَاءَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ السَّبْعُ الْمَثَانِي‏:‏ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي‏}‏ قَالَ‏:‏ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ سَبْعُ آيَاتٍ، قُلْتُ لِلرَّبِيعِ‏:‏ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ‏:‏ السَّبْعُ الطُّوَلُ، فَقَالَ‏:‏ لَقَدْ أُنْـزِلَتْ هَذِهِ، وَمَا أُنْـزِلَ مِنَ الطُّولِ شَيْءٌ‏.‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ‏:‏ ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ‏:‏ ثني حَجَّاجٌ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِّيِّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ‏:‏ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ‏.‏ قَالَ‏:‏ وَإِنَّمَا سَمِّيَتِ الْمَثَانِي لِأَنَّهُ يُثَنَّى بِهَا كُلَّمَا قَرَأَ الْقُرْآنَ قَرَأَهَا، فَقِيلَ لِأَبِي الْعَالِيَةِ‏:‏ إِنَّ الضِّحَّاكَ بْنَ مُزَاحِمٍ يَقُولُ‏:‏ هِيَ السَّبْعُ الْطُوَلُ‏.‏ فَقَالَ‏:‏ لَقَدْ نَـزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَمَا أُنْـزِلَ شَيْءٌ مِنَ الْطُوَلِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثنا ابْنُ يَمَانٍ، قَالَ‏:‏ ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ‏:‏ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثنا ابْنُ يَمَانٍ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبِي جَمِيعًا، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ‏:‏ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ‏:‏ ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثنا ابْنُ يَمَانٍ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبِي، وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو أَحْمَدَ جَمِيعًا، عَنْ هَارُونَ بْنِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ الْبَرْبَرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ‏:‏ السَّبْعُ مِنَ الْمَثَانِي‏:‏ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثنا ابْنُ يَمَانٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي مُلَيْكَةَ ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي‏}‏ قَالَ‏:‏ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ‏.‏ قَالَ‏:‏ وَذِكْرُ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ لِنَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ تُذْكَرْ لِنَبِيٍّ قَبْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي‏}‏ قَالَ‏:‏ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي خِدَاشٍ، قَالَ‏:‏ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثنا هَارُونُ الْبَرْبَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي‏}‏ قَالَ‏:‏ هِيَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ‏:‏ ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، قَالَ‏:‏ سَأَلَتُ الْحَسَنَ، عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ‏}‏ قَالَ‏:‏ هِيَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، ثُمَّ سُئِلَ عَنْهَا وَأَنَا أَسْمَعُ، فَقَرَأَهَا‏:‏ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهَا، فَقَالَ‏:‏ تُثَنَّى فِي كُلِّ قِرَاءَةٍ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ‏:‏ ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ‏:‏ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ‏:‏ ثنا شَرِيكٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ‏:‏ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثنا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ‏}‏ ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُنَّ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَأَنَّهُنَّ يَثَنَّيْنَ فِي كُلِّ قِرَاءَةٍ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي‏}‏ قَالَ‏:‏ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ تُثَنَّى فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مَكْتُوبَةٍ وَتَطَوُّعٍ‏.‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ‏:‏ ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ‏:‏ ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَحَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ السَّبْعِ الْمَثَانِي، فَقَالَ‏:‏ أُمُّ الْقُرْآنِ، قَالَ سَعِيدٌ‏:‏ ثُمَّ قَرَأَهَا، وَقَرَأَ مِنْهَا ‏{‏بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ‏}‏ قَالَ أَبِي‏:‏ قَرَأَهَا سَعِيدٌ كَمَا قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَرَأَ فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، قَالَ سَعِيدٌ‏:‏ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ فَمَا الْمَثَانِي‏؟‏ قَالَ‏:‏ هِيَ أُمُّ الْقُرْآنِ، اسْتَثْنَاهَا اللَّهُ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَفَعَهَا فِي أُمِّ الْكِتَابِ، فَذَخَرَهَا لَهُمْ حَتَّى أَخْرَجَهَا لَهُمْ، وَلَمْ يُعْطِهَا لِأَحَدٍ قَبْلَهُ، قَالَ‏:‏ قُلْتُ لِأَبِي‏:‏ أَخْبَرَكَ سَعِيدٌ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ لَهُ‏:‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، آيَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ‏.‏ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ‏:‏ قَالَ عَطَاءٌ‏:‏ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَهِيَ سَبْعٌ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَالْمَثَانِي‏:‏ الْقُرْآنُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ‏:‏ ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ السَّبْعُ الْمَثَانِي‏:‏ أُمُّ الْقُرْآنِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ‏:‏ ثنا عَبْدُ اللَّهِ الْعَتَكِيُّ، عَنْ خَالِدٍ الْحَنَفِيِّ قَاضِي مُرْوٍ فِي قَوْلِهِ ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي‏}‏ قَالَ‏:‏ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ عُنِيَ بِالسَّبْعِ الْمَثَانِي‏:‏ مَعَانِي الْقُرْآنِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبٍ الشَّهِيدُ الشَّهِيدَيُّ، قَالَ‏:‏ ثنا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي‏}‏ قَالَ‏:‏ أَعْطَيْتُكَ سَبْعَةَ أَجْزَاءٍ‏:‏ مُرْ، وَانْهَ، وَبَشِّرْ، وَأَنْذِرْ، وَاضْرِبِ الْأَمْثَالَ، وَاعْدُدِ النِّعَمَ، وَآتَيْتُكَ نَبَأَ الْقُرْآنِ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا عُنِيَ بِالسَّبْعِ الْمَثَانِي فَاتِحَةُ الْكِتَابِ الْمَثَانِي هُوَ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ ثنا عِمْرَانُ بْنُ عُيَيْنَة، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، قَالَ‏:‏ الْقُرْآنُ كُلُّهُ مَثَانِي‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، قَالَ‏:‏ الْقُرْآنُ كُلُّهُ مَثَانِي‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ‏:‏ ثنا عُبَيْدٌ أَبُو زَيْدٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، قَالَ‏:‏ الْقُرْآنُ مَثَانِي‏.‏ وَعَدَّ الْبَقَرَةَ، وَآلَ عِمْرَانَ، وَالنِّسَاءَ، وَالْمَائِدَةَ، وَالْأَنْعَامَ، وَالْأَعْرَافَ، وَبَرَاءَةَ‏.‏

حَدَّثْنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ‏:‏ الْقُرْآنُ كُلُّهُ يُثَنَّى‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ‏:‏ ثني أَبِي، قَالَ‏:‏ ثني عَمِّي، قَالَ‏:‏ ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ الْمَثَانِي‏:‏ مَا ثُنِّيَ مِنَ الْقُرْآنِ، أَلَمْ تَسْمَعْ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ ‏{‏اللَّهُ نَـزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ‏}‏‏.‏

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ‏:‏ ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ‏:‏ الْمَثَانِي‏:‏ الْقُرْآنُ، يَذْكُرُ اللَّهُ الْقِصَّةَ الْوَاحِدَةَ مِرَارًا، وَهُوَ قَوْلُهُ ‏{‏نَـزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ‏}‏‏.‏

وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ، قَوْلُ مَنْ قَالَ‏:‏ عَنَى بِالسَّبْعِ الْمَثَانِي‏:‏ السَّبْعَ اللَّوَاتِي هُنَّ آيَاتُ أُمِّ الْكِتَابِ، لِصِحَّةِ الْخَبَرِ بِذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي حَدَّثَنِيهِ يَزِيدُ بْنُ مَخْلَدِ بْنِ خِدَاشٍ، الْوَاسِطِيُّ، قَالَ‏:‏ ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ «أُمُّ الْقُرْآنِ السَّبْعُ الْمَثَانِي الَّتِي أُعْطِيتُهَا»‏.‏

حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ، قَالَ‏:‏ ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ‏:‏ ثنا رُوحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَبِي‏:‏ «إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أُعَلِّمَكَ سُورَةً لَمْ يَنْـزِلْ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا قَالَ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ‏:‏ إِنِّي لِأَرْجُوَ أَنْ لَا تَخْرُجَ مِنْ هَذَا الْبَابِ حَتَّى تَعْلَمَهَا، ثُمَّ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي يُحَدِّثُنِي، فَجَعَلْتُ أَتَبَاطَأُ مَخَافَةَ أَنْ يَبْلُغَ الْبَابَ قَبْلَ أَنْ يَنْقَضِيَ الْحَدِيثُ، فَلَمَّا دَنَوْتُ قُلْتُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا السُّورَةُ الَّتِي وَعَدْتَنِي‏؟‏ قَالَ‏:‏ مَا تَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ‏؟‏ فَقَرَأَتْ عَلَيْهِ أُمَّ الْقُرْآنِ، فَقَالَ‏:‏ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أُنْـزِلَ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا، إِنَّهَا السَّبْعُ مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُعْطِيتُه»‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثنا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ الْعُكْلِيُّ، قَالَ‏:‏ ثنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ مَوْلًى لِعُرْوَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى عَامِرِ بْنِ فُلَانٍ، أَوِ ابْنِ فُلَانٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ‏:‏ «إِذَا افْتَتَحْتَ الصَّلَاةَ بِمَ تَفْتَتِحُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، حَتَّى أَخْتِمُهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُعْطِيتُ ‏"‏»‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أُبَيٍّ، قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ «أَلَا أُعَلِّمُكَ سُورَةً مَا أُنْـزِلَ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ، وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا‏؟‏ قُلْتُ‏:‏ بَلَى، قَالَ‏:‏ إِنِّي لِأَرْجُوَ أَنْ لَا تَخْرُجَ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ حَتَّى تَعْلَمَهَا، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقُمْتُ مَعَهُ، فَجَعَلَ يُحَدِّثُنِي وَيَدُهُ فِي يَدِي، فَجَعَلْتُ أَتَبَاطَأُ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَخْرُجَ قَبْلَ أَنْ يُخْبِرَنِي بِهَا، فَلَمَّا قَرُبَ مِنَ الْبَابِ قُلْتُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ السُّورَةُ الَّتِي وَعَدْتِنِي، قَالَ‏:‏ ‏"‏كَيْفَ تَقْرَأُ إِذَا افْتَتَحْتَ الصَّلَاةَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ فَقَرَأَتُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ، قَالَ‏:‏ هِيَ هِيَ، وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ‏}‏-الَّذِي أُوتِيت»‏)‏‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثنا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْفَضْلِ الْمَدَنِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‏:‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ «الرَّكْعَتَانِ اللَّتَانِ لَا يُقْرَأُ فِيهِمَا كَالْخِدَاجِ لَمْ يَتِمَّا، قَالَ رَجُلٌ‏:‏ أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَعِي إِلَّا أُمَّ الْقُرْآنِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏هِيَ حَسْبُكَ هِيَ أُمُّ الْقُرْآنِ، هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي»‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْفَضْلِ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ «الرَّكْعَةُ الَّتِي لَا يُقْرَأُ فِيهَا كَالْخِدَاجِ‏"‏ قُلْتُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ‏:‏ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعِي إِلَّا أُمُّ الْقُرْآنِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ هِيَ حَسْبُكَ، هِيَ أُمُّ الْكِتَابِ، وَأُمُّ الْقُرْآنِ، وَالسَّبْعُ الْمَثَانِي»‏.‏

حَدَّثَنِي أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثنا خَالِدُ بْنُ مُخْلَدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا أَنْـزَلَ اللَّهُ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلَهَا، يَعْنِي أُمَّ الْقُرْآنِ، وَإِنَّهَا لَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي الَّتِي آتَانِيَ اللَّهُ تَعَالَى»‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ «هِيَ أُمُّ الْقُرْآنِ، وَهِيَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي»‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ‏:‏ ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَشَبَابَةُ، قَالَا أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فَاتِحَةِ الْكِتَابِ قَالَ‏:‏ ‏"‏هِيَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ‏"‏»‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ‏:‏ ثنا عَفَّانُ، قَالَ‏:‏ ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ‏:‏ ثنا الْعَلَاءُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ‏:‏ «مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ أَتُحِبُّ أَنْ أُعَلِّمَكَ سُورَةً لَمْ يَنْـزِلْ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا‏؟‏ قُلْتُ‏:‏ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ‏:‏ فَكَيْفَ تَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ‏؟‏ فَقَرَأَتْ عَلَيْهِ أُمَّ الْكِتَابِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أُنَـزَلَتْ سُورَةٌ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَان مِثْلُهَا، وَإِنَّهَا السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ ‏"‏»‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ‏:‏ ثنا سَعِيدُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ «أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَاهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَصَلَّى، ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ‏:‏ ‏"‏مَا مَنَعَكَ أَنْ تُجِيبَنِي‏؟‏ قَالَ‏:‏ إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي، قَالَ‏:‏ أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ‏}‏ قَالَ‏:‏ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لَأُعَلِّمِنَّكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ، فَكَأَنَّهُ بَيَّنَهَا أَوْ نَسِيَ، فَقُلْتُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ الَّذِي قُلْتَ‏:‏ قَالَ‏:‏ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ‏"‏»‏.‏

فَإِذَا كَانَ الصَّحِيحُ مِنَ التَّأْوِيلِ فِي ذَلِكَ مَا قُلْنَا لِلَّذِي بِهِ اسْتَشْهَدْنَا، فَالْوَاجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمَثَانِي مُرَادًا بِهَا الْقُرْآنُ كُلُّهُ، فَيَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ‏:‏ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعَ آيَاتٍ مِمَّا يُثَنِّي بَعْضُ آيِهِ بَعْضًا‏.‏ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَتِ الْمَثَانِي‏:‏ جَمْعُ مُثَنَّاةٍ، وَتَكُونُ آيُ الْقُرْآنِ مَوْصُوفَةً بِذَلِكَ، لِأَنَّ بَعْضَهَا يُثَنِّي بَعْضًا، وَبَعْضُهَا يَتْلُو بَعْضًا بِفُصُولٍ تَفْصِلُ بَيْنَهَا‏.‏ فَيُعْرَفُ انْقِضَاءُ الْآيَةِ وَابْتِدَاءُ الَّتِي تَلِيهَا، كَمَا وَصَفَهَا بِهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ فَقَالَ ‏{‏اللَّهُ نَـزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ‏}‏ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهَا كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ‏:‏ وَمَنْ قَالَ ذَلِكَ أَنَّ الْقُرْآنَ إِنَّمَا قِيلَ لَهُ مَثَانِي لِأَنَّ الْقِصَصَ وَالْأَخْبَارَ كُرِّرَتْ فِيهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى‏.‏ وَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهَا إِنَّمَا سُمِّيَتْ مَثَانِي لِأَنَّهَا تُثَنَّى فِي كُلِّ قِرَاءَةٍ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ إِنَّهَا إِنَّمَا سُمِّيَتْ مَثَانِيَ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ اسْتَثْنَاهَا لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ غَيْرِهِ، فَادَّخَرَهَا لَهُ‏.‏

وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ، يَزْعُمُ أَنَّهَا سُمِّيَتْ مَثَانِيَ لِأَنَّ فِيهَا الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ مَرَّتَيْنِ، وَأَنَّهَا تُثَنَّى فِي كُلِّ سُورَةٍ، يَعْنِي‏:‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ‏.‏

وَأَمَّا الْقَوْلُ الَّذِي اخْتَرْنَاهُ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ قَوْلُ طَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَأَبِي مَالِكٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ قَبْلُ‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُهُ ‏{‏وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ‏}‏ فَإِنَّ الْقُرْآنَ مَعْطُوفٌ عَلَى السَّبْعِ، بِمَعْنَى‏:‏ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعَ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الْقُرْآنِ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثنا الْحَسَنُ، قَالَ‏:‏ ثنا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ‏}‏ قَالَ‏:‏ سَائِرَهُ‏:‏ يَعْنِي سَائِرَ الْقُرْآنِ مَعَ السَّبْعِ مِنَ الْمَثَانِي‏.‏

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ‏:‏ ثنا عُبَيْدٌ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ ‏{‏وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ‏}‏ يَعْنِي‏:‏ الْكِتَابَ كُلَّهُ‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏88‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ‏}‏‏.‏

يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ لَا تَتَمَنَّيَنَّ يَا مُحَمَّدُ مَا جَعَلْنَا مِنْ زِينَةِ هَذِهِ الدُّنْيَا مَتَاعًا لِلْأَغْنِيَاءِ مِنْ قَوْمِكَ، الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، يَتَمَتَّعُونَ فِيهَا، فَإِنَّ مِنْ وَرَائِهِمْ عَذَابًا غَلِيظًا ‏{‏وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ وَلَا تَحْزَنُ عَلَى مَا مُتِّعُوا بِهِ فَعُجِّلَ لَهُمْ‏.‏ فَإِنَّ لَكَ فِي الْآخِرَةِ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، مَعَ الَّذِي قَدْ عَجَّلْنَا لَكَ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْكَرَامَةِ بِإِعْطَائِنَا السَّبْعَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ، يُقَالُ مِنْهُ‏:‏ مَدَّ فُلَانٌ عَيْنَهُ إِلَى مَالِ فُلَانٍ‏:‏ إِذَا اشْتَهَاهُ وَتَمَنَّاهُ وَأَرَادَهُ‏.‏

وَذُكِرَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ كَانَ يَتَأَوَّلُ هَذِهِ الْآيَةَ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآن» ‏"‏‏:‏ أَيْ مِنْ لَمْ يَسْتَغْنِ بِهِ، وَيَقُولُ‏:‏ أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ‏}‏ فَأَمَرَهُ بِالِاسْتِغْنَاءِ بِالْقُرْآنِ عَنِ الْمَالِ، قَالَ‏:‏ وَمِنْهُ قَوْلُ الْآخَرِ‏:‏ مَنْ أُوتِيَ الْقُرْآنَ، فَرَأَى أَنَّ أَحَدًا أُعْطِي أَفْضَل مِمَّا أُعْطِي فَقَدْ عَظَّمَ صَغِيرًا وَصَغَّرَ عَظِيمًا‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي قَوْلِهِ ‏(‏أَزْوَاجًا‏)‏ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثنا الْحَسَنُ، قَالَ ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ‏:‏ ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ‏}‏‏:‏ الْأَغْنِيَاءُ الْأَمْثَالُ الْأَشْبَاهُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ‏:‏ ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ‏:‏ ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ‏:‏ ثني أَبِي، قَالَ‏:‏ ثني عَمِّي، قَالَ‏:‏ ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ ‏{‏لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ‏}‏ قَالَ‏:‏ نُهِيَ الرَّجُل أَنْ يَتَمَنَّى مَالَ صَاحِبِهِ‏.‏

وَقَوْلُهُ ‏{‏وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ وَأَلِنْ لِمَنْ آمَنَ بِكَ، وَاتَّبَعَكَ وَاتَّبَعَ كَلَامَكَ، وَقَرَّبَهُمْ مِنْكَ، وَلَا تَجْفُ بِهِمْ، وَلَا تُغْلِظْ عَلَيْهِمْ، يَأْمُرُهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِالرِّفْقِ بِالْمُؤْمِنِينَ، وَالْجَنَاحَانِ مِنْ بَنِي آدَمَ‏:‏ جَنْبَاهُ، وَالْجَنَاحَانِ‏:‏ النَّاحِيَتَانِ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ ‏{‏وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ‏}‏ قِيلَ‏:‏ مَعْنَاهُ‏:‏ إِلَى نَاحِيَتِكَ وَجَنْبِكَ‏.‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏89- 91‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ كَمَا أَنْـزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ‏}‏‏.‏

يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ وَقُلْ يَا مُحَمَّدُ لِلْمُشْرِكِينَ‏:‏ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الَّذِي قَدْ أَبَانَ إِنْذَارَهُ لَكُمْ مِنَ الْبَلَاءِ وَالْعِقَابِ أَنْ يَنْـزِلَ بِكُمْ مِنَ اللَّهِ عَلَى تَمَادِيكُمْ فِي غَيِّكُمْ، كَمَا أَنْـزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ‏:‏ يَقُولُ‏:‏ مِثْلَ الَّذِي أَنْـزَلَ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْبَلَاءِ وَالْعِقَابِ عَلَى الَّذِينَ اقْتَسَمُوا الْقُرْآنَ، فَجَعَلُوهُ عِضِينَ‏.‏

ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الَّذِينَ عُنُوا بِقَوْلِهِ ‏(‏الْمُقْتَسِمِينَ‏)‏، فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ عُنِيَ بِهِ‏:‏ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، وَقَالَ‏:‏ كَانَ اقْتِسَامُهُمْ أَنَّهُمُ اقْتَسَمُوا الْقُرْآنَ وَعَضُّوهُ، فَآمَنُوا بِبَعْضِهِ وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ عُثْمَانَ الرَّمْلِيُّ، قَالَ‏:‏ ثنا يَحْيَى بْنُ عِيسَى، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ‏:‏ ‏{‏كَمَا أَنْـزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ هُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، آمَنُوا بِبَعْضٍ، وَكَفَرُوا بِبَعْضٍ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَا ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏كَمَا أَنْـزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ، جَزَّءُوهُ فَجَعَلُوهُ أَعْضَاءً أَعْضَاءً، فَآمَنُوا بِبَعْضِهِ، وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ‏:‏ ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏كَمَا أَنْـزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ الَّذِينَ آمَنُوا بِبَعْضٍ، وَكَفَرُوا بِبَعْضٍ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ ‏(‏الْمُقْتَسِمِينَ‏)‏ أَهْلُ الْكِتَابِ‏.‏ ‏{‏الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ يُؤْمِنُونَ بِبَعْضٍ، وَيَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ‏.‏

حَدَّثَنِي مَطَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الضَّبِّيُّ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثنا شُعْبَةُ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ ‏{‏كَمَا أَنْـزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ‏:‏ ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ‏{‏كَمَا أَنْـزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ، آمَنُوا بِبَعْضِهِ، وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ‏:‏ ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ جَزَّءُوهُ فَجَعَلُوهُ أَعْضَاءً، فَآمَنُوا بِبَعْضِهِ، وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ جَزَّءُوهُ فَجَعَلُوهُ أَعْضَاءً كَأَعْضَاءِ الْجَزُورِ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ‏:‏ هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ‏:‏ ثني أَبِي، قَالَ‏:‏ ثني عَمِّي، قَالَ‏:‏ ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ ‏{‏كَمَا أَنْـزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ هُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ قَسَّمُوا الْكِتَابَ، فَجَعَلُوهُ أَعْضَاءً، يَقُولُ‏:‏ أَحْزَابًا، فَآمَنُوا بِبَعْضٍ، وَكَفَرُوا بِبَعْضٍ‏.‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ‏:‏ ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ‏:‏ ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏الْمُقْتَسِمِينَ‏}‏ أَهْلُ الْكِتَابِ، وَلَكِنَّهُمْ سُمُّوا الْمُقْتَسِمِينَ، لِأَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ اسْتِهْزَاءٌ بِالْقُرْآنِ‏:‏ هَذِهِ السُّورَةُ لِي، وَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ هَذِهِ لِي‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ‏:‏ ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ‏{‏الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ كَانُوا يَسْتَهْزِءُونَ، يَقُولُ هَذَا‏:‏ لِي سُورَةُ الْبَقَرَةِ، وَيَقُولُ هَذَا‏:‏ لِي سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ، وَلَكِنَّهُمْ قِيلَ لَهُمْ‏:‏ الْمُقْتَسِمُونَ‏:‏ لِاقْتِسَامِهِمْ كُتُبَهُمْ، وَتَفْرِيقِهِمْ ذَلِكَ بِإِيمَانٍ بَعْضِهِمْ بِبَعْضِهَا، وَكُفْرِهِ بِبَعْضٍ، وَكُفْرِ آخَرِينَ بِمَا آمَنَ بِهِ غَيْرُهُمْ، وَإِيمَانِهِمْ بِمَا كَفَرَ بِهِ الْآخَرُونَ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثنا جَرِيرٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏كَمَا أَنْـزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ هُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، قَسَّمُوا كِتَابَهُمْ فَفَرَّقُوهُ‏.‏ وَجَعَلُوهُ أَعْضَاءً‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثني الْحَسَنُ قَالَ‏:‏ ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ‏:‏ ثنا شِبْلٌ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏كَمَا أَنْـزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ أَهْلُ الْكِتَابِ فَرَّقُوهُ وَبَدَّلُوهُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ‏:‏ ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ‏:‏ ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏كَمَا أَنْـزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ أَهْلُ الْكِتَابِ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ عُنِيَ بِذَلِكَ رَهْطٌ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ بِأَعْيَانِهِمْ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثنا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ ‏{‏كَمَا أَنْـزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ‏}‏ رَهْطٌ خَمْسَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ، عَضَهُوا كِتَابَ اللَّهِ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ عُنِيَ بِذَلِكَ رَهْطٌ مِنْ قَوْمِ صَالِحٍ الَّذِينَ تَقَاسَمُوا عَلَى تَبْيِيتِ صَالِحٍ وَأَهْلِهِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏كَمَا أَنْـزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ الَّذِينَ تَقَاسَمُوا بِصَالِحٍ، وَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى ‏{‏وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةَ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ‏}‏ قَالَ‏:‏ تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ حَتَّى بَلَغَ الْآيَةَ‏.‏

وَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ هُمْ قَوْمٌ اقْتَسَمُوا طُرُقَ مَكَّةَ أَيَّامَ قُدُومِ الْحَاجِّ عَلَيْهِمْ، كَانَ أَهْلُهَا بَعَثُوهُمْ فِي عِقَابِهَا، وَتَقَدَّمُوا إِلَى بَعْضِهِمْ أَنْ يُشِيعَ فِي النَّاحِيَةِ الَّتِي تَوَجَّهَ إِلَيْهَا لِمَنْ سَأَلَهُ عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْقَادِمَيْنِ عَلَيْهِمْ، أَنْ يَقُولَ‏:‏ هُوَ مَجْنُونٌ، وَإِلَى آخَرَ‏:‏ إِنَّهُ شَاعِرٌ، وَإِلَى بَعْضِهِمْ‏:‏ إِنَّهُ سَاحِرٌ‏.‏

وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُقَالَ‏:‏ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْلِمَ قَوْمَهُ الَّذِينَ عَضُّوا الْقُرْآنَ فَفَرَقُوهُ، أَنَّهُ نَذِيرٌ لَهُمْ مَنْ سَخَطِ اللَّهِ تَعَالَى وَعُقُوبَتِهِ، أَنْ يَحِلَّ بِهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ رَبَّهُمْ، وَتَكْذِيبِهِمْ نَبِيَّهُمْ، مَا حَلَّ بِالْمُقْتَسِمِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمِنْهُمْ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ عُنِيَ بِالْمُقْتَسِمِينَ‏:‏ أَهلُ الْكِتَابَيْنِ‏:‏ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، لِأَنَّهُمُ اقْتَسَمُوا كِتَابَ اللَّهِ، فَأَقَرَّتِ الْيَهُودُ بِبَعْضِ التَّوْرَاةِ وَكَذَّبَتْ بِبَعْضِهَا، وَكَذَّبَتْ بِالْإِنْجِيلِ وَالْفَرْقَانِ، وَأَقَرَّتِ النَّصَارَى بِبَعْضِ الْإِنْجِيلِ وَكَذَّبَتْ بِبَعْضِهِ وَبِالْفُرْقَانِ‏.‏ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ عُنِيَ بِذَلِكَ‏:‏ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قُرَيْشٍ، لِأَنَّهُمُ اقْتَسَمُوا الْقُرْآنَ، فَسَمَّاهُ بَعْضُهُمْ شِعْرًا، وَبَعْضٌ كِهَانَةً، وَبَعْضٌ أَسَاطِيرَ الْأَوَّلِينَ‏.‏ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ عُنِيَ بِهِ الْفَرِيقَانِ، وَمُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ عُنِيَ بِهِ الْمُقْتَسِمُونَ عَلَى صَالِحٍ مِنْ قَوْمِهِ، فَإِذْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّنْـزِيلِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ عُنِيَ بِهِ أَحَدُ الْفِرَقِ الثَّلَاثَةِ دُونَ الْآخَرِينَ، وَلَا فِي خَبَرٍ عَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا فِي فِطْرَةِ عَقْلٍ، وَكَانَ ظَاهِرُ الْآيَةِ مُحْتَمِلًا مَا وَصَفْتُ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُقْتَضِيًا بِأَنَّ كُلَّ مَنِ اقْتَسَمَ كِتَابًا لِلَّهِ بِتَكْذِيبِ بَعْضٍ وَتَصْدِيقِ بَعْضٍ، وَاقْتَسَمَ عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ مِمَّنْ حَلَّ بِهِ عَاجِلُ نِقْمَةِ اللَّهِ فِي الدَّارِ الدُّنْيَا قَبْلَ نُـزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ، فَدَاخِلٌ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لِأَشْكَالِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ بِاللَّهِ، كَانُوا عِبْرَةً، وَلِلْمُتَّعِظِينَ بِهِمْ مِنْهُمْ عِظَةً‏.‏

وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ ‏{‏الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ‏}‏ فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ مَعْنَاهُ‏:‏ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ فِرَقًا مُفْتَرِقَةً‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ‏:‏ ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ ‏{‏الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ فِرَقًا‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَا ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ جَزَّءُوهُ فَجَعَلُوهُ أَعْضَاءً، فَآمَنُوا بِبَعْضِهِ وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ جَزَّءُوهُ فَجَعَلُوهُ أَعْضَاءً كَأَعْضَاءِ الْجَزُورٍ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ‏:‏ ثنا طَلْحَةُ، عَنْ عَطَاءٍ ‏{‏الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قُرَيْشٍ، عَضُّوا الْقُرْآنَ فَجَعَلُوهُ أَجْزَاءً، فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ سَاحِرٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ شَاعِرٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ مَجْنُونٌ، فَذَلِكَ الْعِضُونَ‏.‏

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ‏:‏ أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ‏:‏ فِي قَوْلِهِ ‏{‏جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ‏}‏‏:‏ جَعَلُوا كِتَابَهُمْ أَعْضَاءً كَأَعْضَاءِ الْجَزُورِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ تَقْطَعُوهُ زُبُرًا، كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ، وَهُوَ قَوْلُهُ ‏{‏فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا‏}‏‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثنا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ‏}‏ عَضَهُوا كِتَابَ اللَّهِ، زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ سِحْرٌ، وَزَعْمُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ شِعْرٌ، وَزَعْمُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ كَاهِنٌ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ هَكَذَا قَالَ كَاهِنٌ، وَإِنَّمَا هُوَ كِهَانَةٌ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثنا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏{‏الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ آمَنُوا بِبَعْضٍ، وَكَفَرُوا بِبَعْضٍ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ جَعَلُوهُ أَعْضَاءً كَمَا تُعَضَى الشَّاةُ‏.‏ قَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ كِهَانَةٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ هُوَ سِحْرٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ شِعْرٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ ‏{‏أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا‏}‏‏.‏‏.‏ الْآيَةُ، جَعَلُوهُ أَعْضَاءً كَمَا تُعْضَى الشَّاةُ فَوَجَّهَ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَةِ قَوْلَهُ ‏(‏عِضِينَ‏)‏ إِلَى أَنَّ وَاحِدَهَا‏:‏ عُضْوٌ، وَأَنَّ عِضِينَ جَمْعُهُ، وَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ عَضَيْتُ الشَّيْءَ تَعْضِيَةً‏:‏ إِذَا فَرَّقْتَهُ، كَمَا قَالَ رُؤْبَةُ‏:‏

وَلَيْسَ دِينُ اللَّهِ بِالْمُعَضَّى

يَعْنِي بِالْمُفَرَّقِ، وَكَمَا قَالَ الْآخَرُ‏:‏

وعَضَّـى بَنِـي عَـوْفٍ فَأَمَّـا عَدُوَّهُمْ *** فَـأَرْضَى وَأَمَّـا الْعِـزَّ مِنْهُـمُ فَغَـيَّرَا

يَعْنِي بِقَوْلِهِ‏:‏ وَعَضَّى‏:‏ سَبَّاهُمْ، وَقَطَّعَاهُمْ بِأَلْسِنَتِهِمَا‏.‏ وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ بَلْ هِيَ جُمَعُ عِضَةٍ، جُمِعَتْ عِضِينَ، كَمَا جُمِعَتِ الْبُرَّةُ بُرِينَ، وَالْعِزَةُ عِزِينَ، فَإِذَا وُجِّهَ ذَلِكَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ كَانَ أَصْلُ الْكَلَامِ عِضَهَةٌ، ذَهَبَتْ هَاؤُهَا الْأَصْلِيَّةُ، كَمَا نَقَصُوا الْهَاءَ مِنَ الشَّفَةِ وَأَصْلُهَا شَفَهَةٌ، وَمِنَ الشَّاةِ، وَأَصْلُهَا شَاهَةٌ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْأَصْلَ تَصْغِيرُهُمُ الشَّفَةَ‏:‏ شُفَيْهَةً، وَالشَّاةَ‏:‏ شُوَيْهَةً، فَيَرُدُّونَ الْهَاءَ الَّتِي تَسْقُطُ فِي غَيْرِ حَالِ التَّصْغِيرِ، إِلَيْهَا فِي حَالِ التَّصْغِيرِ، يُقَالُ مِنْهُ‏:‏ عَضَهْتُ الرَّجُلَ أَعْضَهُهُ عَضْهًا‏.‏ إِذَا بَهَتُّهُ، وَقَذَفْتُهُ بِبُهْتَانٍ، وَكَأَنَّ تَأْوِيلَ مَنْ تَأَوَّلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ‏:‏ الَّذِينَ عَضَهُوا الْقُرْآنَ، فَقَالُوا‏:‏ هُوَ سِحْرٌ، أَوْ هُوَ شِعْرٌ، نَحْوَ الْقَوْلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ قَتَادَةَ‏.‏

وَقَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ‏:‏ إِنَّهُ إِنَّمَا عَنَى بِالْعَضْهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، نِسْبَتَهُمْ إِيَّاهُ إِلَى أَنَّهُ سِحْرٌ خَاصَّةً دُونَ غَيْرِهِ مِنْ مَعَانِي الذَّمِّ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ‏:‏

لِلْمَاءِ مِنْ عِضَاتِهِنَّ زَمْزَمَهْ ***

يَعْنِي‏:‏ مِنْ سِحْرِهِنْ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ‏:‏ ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ ‏{‏الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ سِحْرًا‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏عِضِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ عَضَهُوهُ وَبَهَتُوهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ‏:‏ كَانَ عِكْرِمَةُ يَقُولُ‏:‏ الْعَضْهُ‏:‏ السِّحْرُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، تَقُولُ لِلسَّاحِرَةِ‏:‏ إِنَّهَا الْعَاضِهَةُ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثنا عِيسَى، قَالَ‏:‏ ثنا الْحَسَنُ، قَالَ‏:‏ ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ‏:‏ ثنا شِبْلٌ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ‏:‏ ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ ‏{‏جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ سِحْرًا أَعْضَاءَ الْكُتُبِ كُلِّهَا وَقُرَيْشٌ فَرَّقُوا الْقُرْآنَ، قَالُوا‏:‏ هُوَ سِحْرٌ‏.‏

وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ‏:‏ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَمَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْلِمَ قَوْمًا عَضَهُوا الْقُرْآنَ أَنَّهُ لَهُمْ نَذِيرٌ مِنْ عُقُوبَةٍ تَنْـزِلُ بِهِمْ بِعَضْهِهِمْ إِيَّاهُ مِثْلَ مَا أَنْـزَلَ بِالْمُقْتَسِمِينَ، وَكَانَ عَضْهُهُمْ إِيَّاهُ‏:‏ قَذْفُهُمُوهُ بِالْبَاطِلِ، وَقِيلُهُمْ إِنَّهُ شِعْرٌ وَسِحْرٌ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ‏.‏

وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ ذَلِكَ أَوْلَى التَّأْوِيلَاتِ بِهِ لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ مِنَ ابْتِدَاءِ السُّورَةِ وَمَا بَعْدَهُ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ ‏{‏إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ‏}‏ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا، وَإِنَّهُ إِنَّمَا عَنَى بِقَوْلِهِ ‏{‏الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ‏}‏ مُشْرِكِي قَوْمِهِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي مُشْرِكِي قَوْمِهِ مَنْ يُؤْمِنُ بِبَعْضِ الْقُرْآنِ وَيَكْفُرُ بِبَعْضٍ، بَلْ إِنَّمَا كَانَ قَوْمُهُ فِي أَمْرِهِ عَلَى أَحَدِ مَعْنَيَيْنِ‏:‏ إِمَّا مُؤْمِنٌ بِجَمِيعِهِ، وَإِمَّا كَافِرٌ بِجَمِيعِهِ‏.‏ وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَالصَّحِيحُ مِنَ الْقَوْلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ ‏{‏الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ‏}‏ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ عَضَهُوهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ هُوَ سِحْرٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ هُوَ شِعْرٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ هُوَ كِهَانَةٌ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْقَوْلِ، أَوْ عَضَّهُوهُ فَفَرَّقُوهُ، بِنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْقَوْلِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ احْتَمَلَ قَوْلُهُ عِضِينَ، أَنْ يَكُونَ جَمْعَ‏:‏ عِضَةٌ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ جَمْعُ عُضْوٍ، لِأَنَّ مَعْنَى التَّعْضِيَةِ‏:‏ التَّفْرِيقُ، كَمَا تُعَضَّى الْجَزُورُ وَالشَّاةُ، فَتُفَرَّقُ أَعْضَاءً‏.‏ وَالْعَضْهُ‏:‏ الْبَهْتُ، وَرَمْيُهُ بِالْبَاطِلِ مِنَ الْقَوْلِ، فَهُمَا مُتَقَارِبَانِ فِي الْمَعْنَى‏.‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏92- 94‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ‏}‏‏.‏

يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ فَوَرَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ لِنَسْأَلَنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ فِي الدُّنْيَا عِضِينَ فِي الْآخِرَةِ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ فِي الدُّنْيَا، فِيمَا أَمَرْنَاهُمْ بِهِ، وَفِيمَا بَعَثْنَاكَ بِهِ إِلَيْهِمْ مِنْ آيِ كِتَابِي الَّذِي أَنْـزَلْتُهُ إِلَيْهِمْ، وَفِيمَا دَعَوْنَاهُمْ إِلَيْهِ مِنَ الْإِقْرَارِ بِهِ وَمِنْ تَوْحِيدِي وَالْبَرَاءَةِ مِنَ الْأَنْدَادِ وَالْأَوْثَانِ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَأَبُو السَّائِبِ، قَالَا ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ لَيْثًا، عَنْ بَشِيرٍ، عَنْ أَنَسٍ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ عَنْ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ‏:‏ ثنا شَرِيكٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏{‏فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏عَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ‏"‏‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثنا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ بَشِيرٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى‏.‏ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ‏}‏ قَالَ‏:‏ عَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ‏:‏ ثنا شَرِيكٌ، عَنْ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ‏:‏ وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا سَيَخْلُو اللَّهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا يَخْلُو أَحَدُكُمْ بِالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، فَيَقُولُ‏:‏ ابْنَ آدَمَ، مَاذَا غَرَّكَ مِنِّي بِي ابْنَ آدَمَ‏؟‏ مَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا عَلِمْتَ ابْنَ آدَمَ‏؟‏ مَاذَا أَجَبْتَ الْمُرْسَلِينَ‏؟‏

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ‏:‏ ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ‏:‏ ثني حَجَّاجٌ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ‏:‏ ‏{‏فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ‏}‏ قَالَ‏:‏ يُسْأَلُ الْعِبَادُ كُلُّهُمْ عَنْ خُلَّتَيْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ‏:‏ عَمَّا كَانُوا يَعْبُدُونَ، وَعَمَّا أَجَابُوا الْمُرْسَلِينَ‏.‏

حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ‏:‏ ثنا الْحُسَيْنُ الْجُعْفِيُّ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ‏:‏ ‏{‏لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ‏}‏ قَالَ‏:‏ عَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ‏:‏ ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ ‏{‏فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ‏}‏‏.‏ ثُمَّ قَالَ‏:‏ ‏{‏فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ‏}‏ قَالَ‏:‏ لَا يَسْأَلُهُمْ هَلْ عَمِلْتُمْ كَذَا وَكَذَا‏؟‏ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْهُمْ، وَلَكِنْ يَقُولُ لَهُمْ‏:‏ لِمَ عَمِلْتُمْ كَذَا وَكَذَا‏؟‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ، مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَوْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ أَنْـزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ ‏{‏فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ‏}‏ فَإِنَّهُ أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَبْلِيغِ رِسَالَتِهِ قَوْمَهُ، وَجَمِيعَ مَنْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ، وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ ‏{‏فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ‏}‏‏:‏ فَامْضِ وَافْرُقْ، كَمَا قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ‏:‏

وَكَـأَنَّهُنَّ رَبَابَـةٌ وَكَأَنَّـهُ *** يُسْـرٌ يُفِيـضُ عَـلَى الْقِـدَاحِ وَيَصْدَعُ

يَعْنِي بِقَوْلِهِ‏:‏ يَصْدَعُ‏:‏ يُفَرِّقُ بِالْقِدَاحِ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ ‏{‏فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ فَأَمْضِهِ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ‏:‏ ثني أَبِي، قَالَ‏:‏ ثني عَمِّي، قَالَ‏:‏ ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ ‏{‏فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ يَزِيدَ الطَّحَّانُ، قَالَ‏:‏ ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ‏}‏ قَالَ‏:‏ بِالْقُرْآنِ‏.‏

حَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَوْدِيُّ، قَالَ‏:‏ ثنا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ‏}‏ قَالَ‏:‏ هُوَ الْقُرْآنُ‏.‏

حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، قَالَ‏:‏ ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ‏}‏ قَالَ‏:‏ بِالْقُرْآنِ‏.‏

حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، قَالَ‏:‏ ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْجَهْرُ بِالْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ‏:‏ ثنا أَحْمَدُ، قَالَ‏:‏ ثنا شَرِيكٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ‏}‏ قَالَ‏:‏ بِالْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثنا الْحَسَنُ، قَالَ‏:‏ ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ‏:‏ ثنا شِبْلٌ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ‏}‏ قَالَ‏:‏ اجْهَرْ بِالْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ‏:‏ ثنا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ‏:‏ مَازَالَ النَّبِيُّ مُسْتَخْفِيًا حَتَّى نَـزَلَتْ ‏{‏فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ‏}‏ فَخَرَجَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ‏}‏ قَالَ‏:‏ بِالْقُرْآنِ الَّذِي يُوحَى إِلَيْهِ أَنْ يُبَلِّغَهُمْ إِيَّاهُ، وَقَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ ‏{‏فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ‏}‏ وَلَمْ يَقُلْ‏:‏ بِمَا تُؤْمَرُ بِهِ، وَالْأَمْرُ يَقْتَضِي الْبَاءَ، لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ‏:‏ فَاصْدَعْ بِأَمْرِنَا، فَقَدْ أَمَرْنَاكَ أَنْ تَدْعُوَ إِلَى مَا بَعَثْنَاكَ بِهِ مِنَ الدِّينِ خَلْقِي وَأَذِنَّا لَكَ فِي إِظْهَارِهِ‏.‏

وَمَعْنَى ‏"‏مَا‏"‏ الَّتِي فِي قَوْلِهِ ‏{‏بِمَا تُؤْمَرُ‏}‏ مَعْنَى الْمَصْدَرِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ ‏{‏يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ‏}‏ مَعْنَاهُ‏:‏ افْعَلِ الْأَمْرَ الَّذِي تُؤْمَرُ بِهِ، وَكَانَ بَعْضُ نَحْوِيِّي أَهْلِ الْكُوفَةِ يَقُولُ فِي ذَلِكَ‏:‏ حُذِفَتِ الْبَاءُ الَّتِي يُوصَلُ بِهَا تُؤْمَرُ مِنْ قَوْلِهِ ‏{‏فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ‏}‏ عَلَى لُغَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ‏:‏ أَمَرْتُكَ أَمْرًا، وَكَانَ يَقُولُ‏:‏ لِلْعَرَبِ فِي ذَلِكَ لُغَتَانِ‏:‏ إِحْدَاهُمَا أَمَرْتُكَ أَمْرًا، وَالْأُخْرَى أَمَرْتُكَ بِأَمْرٍ، فَكَانَ يَقُولُ‏:‏ إِدْخَالُ الْبَاءِ فِي ذَلِكَ وَإِسْقَاطُهَا سَوَاءٌ‏.‏ وَاسْتَشْهَدَ لِقَوْلِهِ ذَلِكَ بِقَوْلِ حُصَيْنِ بْنِ الْمُنْذِرِ الرَّقَاشِيُّ لِيَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ‏:‏

أَمَـرْتُكَ أمْـرًا جَازِمًـا فَعَصَيْتَنِـي *** فَـأَصْبَحْتَ مَسْـلُوبَ الْإِمَـارَةِ نَادِمًـا

فَقَالَ أَمَرْتُكَ أَمْرًا، وَلَمْ يَقِلْ‏:‏ أَمَرَتْكَ بِأَمْرٍ، وَذَلِكَ كَمَا قَالَ تَعَالَى‏:‏ ذِكْرُهُ‏:‏ ‏{‏أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ‏}‏ وَلَمْ يَقُلْ‏:‏ بِرَبِّهِمْ، وَكَمَا قَالُوا‏:‏ مَدَدْتَ الزِّمَامَ، وَمَدَدْتَ بِالزِّمَامِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْكَلَامِ‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُهُ ‏{‏وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ‏}‏ وَيَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ بَلِّغْ قَوْمَكَ مَا أَرْسِلْتَ بِهِ، وَاكْفُفْ عَنْ حَرْبِ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ وَقِتَالِهِمْ‏.‏ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْهِ جِهَادُهُمْ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ ‏{‏فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ‏}‏‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ‏:‏ ثني أَبِي، قَالَ‏:‏ ثني عَمِّي، قَالَ‏:‏ ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ ‏{‏وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ‏}‏ وَهُوَ مِنَ الْمَنْسُوخِ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا سُوِيدٌ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكَِ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ‏}‏ وَ ‏{‏قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ‏}‏ وَهَذَا النَّحْوُ كُلُّهُ فِي الْقُرْآنِ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْقِتَالِ، فَنُسِخَ ذَلِكَ كُلُّهُ، فَقَالَ‏:‏ ‏{‏خُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ‏}‏‏.‏‏.‏‏.‏الْآيَةَ‏.‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏95- 96‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ‏}‏‏.‏

يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ يَا مُحَمَّدُ، الَّذِينَ يَسْتَهْزِئُونَ بِكَ وَيَسْخَرُونَ مِنْكَ، فَاصْدَعْ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَلَا تَخَفْ شَيْئًا سِوَى اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ كَافِيكَ مَنْ نَاصَبَكَ وَآذَاكَ كَمَا كَفَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ‏.‏ وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْمُسْتَهْزِئِينَ قَوْمًا مِنْ قُرَيْشٍ مَعْرُوفَيْنِ‏.‏

ذِكْرُ أَسْمَائِهِمْ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثنا سَلَمَةُ، قَالَ‏:‏ ثني مُحَمَّدٌ، قَالَ‏:‏ كَانَ عُظَمَاءُ الْمُسْتَهْزِئِينَ كَمَا حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ خَمْسَةُ نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ، وَكَانُوا ذَوِي أَسْنَانٍ وَشَرَفٍ فِي قَوْمِهِمْ، مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ‏:‏ الْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ أَبُو زَمْعَةَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَلَغَنِي قَدْ دَعَا عَلَيْهِ لِمَا كَانَ يَبْلُغُهُ مِنْ أَذَاهُ وَاسْتِهْزَائِهِ، فَقَالَ‏:‏ اللَّهُمَّ أَعْمِ بَصَرَهُ، وَأَثْكِلْهُ وَلَدَهُ، وَمِنْ بَنِي زُهْرَةَ‏:‏ الْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ بْنِ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ، وَمِنْ بَنِي مَخْزُومٍ‏:‏ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَخْزُومٍ، وَمِنْ بَنِي سَهْمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ هَصِيصِ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ‏:‏ الْعَاصُ بْنُ وَائِلِ بْنِ هِشَامِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَهْمٍ، وَمِنْ خُزَاعَةَ‏:‏ الْحَارِثُ بْنُ الطُّلَاطِلَةِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَلْكَانَ، فَلَمَّا تَمَادَوْا فِي الشَّرِّ وَأَكْثَرُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الِاسْتِهْزَاءَ، أَنْـزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ ‏{‏فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ‏}‏‏.‏‏.‏‏.‏ إِلَى قَوْلِهِ ‏{‏فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ‏}‏ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ‏:‏ فَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْعُلَمَاءِ، أَنَّ جِبْرَئِيلَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ فَقَامَ، وَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جَنْبِهِ، فَمَرَّ بِهِ الْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ، فَرَمَى فِي وَجْهِهِ بِوَرَقَةٍ خَضْرَاءَ، فَعَمِيَ، وَمَرَّ بِهِ الْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ، فَأَشَارَ إِلَى بَطْنِهِ فَاسْتَسْقَى بَطْنَهُ، فَمَاتَ مِنْهُ حَبَنًا، وَمَرَّ بِهِ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، فَأَشَارَ إِلَى أَثَرِ جُرْحٍ بِأَسْفَلِ كَعْبِ رِجْلِهِ كَانَ أَصَابَهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِسَنَتَيْنِ، وَهُوَ يَجُرُّ سَبَلَهُ، يَعْنِي إِزَارَهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ مَرَّ بِرَجُلٍ مِنْ خُزَاعَةَ يَرِيشُ نَبْلًا لَهُ، فَتَعَلَّقَ سَهْمٌ مِنْ نَبْلِهِ بِإِزَارِهِ فَخَدَشَ رِجْلَهُ ذَلِكَ الْخَدْشَ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، فَانْتَقَضَ بِهِ فَقَتَلَهُ، وَمَرَّ بِهِ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ، فَأَشَارَ إِلَى أُخْمُصِ رِجْلِهِ، فَخَرَجَ عَلَى حِمَارٍ لَهُ يُرِيدُ الطَّائِفَ، فَوُقِصَ عَلَى شِبْرِقَةٍ، فَدَخَلَ فِي أُخْمُصِ رِجْلِهِ مِنْهَا شَوْكَةٌ، فَقَتَلَتْهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ الشِّبْرِقَةُ‏:‏ الْمَعْرُوفُ بِالْحَسَكِ، مِنْهُ حَبَنًا وَالْحَبَنُ‏:‏ الْمَاءُ الْأَصْفَرُ، وَمَرَّ بِهِ الْحَارِثُ بْنُ الطُّلَاطِلَةُ، فَأَشَارَ إِلَى رَأْسِهِ، فَامْتَخَطَ قَيْحًا فَقَتَلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ كَانَ رَأْسُهُمُ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَهُوَ الَّذِي جَمَعَهُمْ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ زِيَادٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي «قَوْلِهِ ‏{‏إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ كَانَ الْمُسْتَهْزِئِينَ‏:‏ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةَ، وَالْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ، وَأَبُو زَمْعَةَ وَالْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ، وَالْحَارِثُ بْنُ عَيْطَلَةَ‏.‏ فَأَتَاهُ جَبْرَئِيلُ، فَأَوْمَأَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى رَأْسِ الْوَلِيدِ، فَقَالَ‏:‏ مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ‏:‏ كُفِيتَ، وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى أُخْمُصِ الْعَاصِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، فَقَالَ‏:‏ كُفِيتَ، وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى عَيْنِ أَبِي زَمْعَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ‏:‏ كُفِيَتَ‏.‏ وَأَوْمَأَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى رَأْسِ الْأَسْوَدِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ دَعْ لِي خَالِي‏.‏ فَقَالَ‏:‏ كُفِيتَ، وَأَوْمَأَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى بَطْنِ الْحَارِثِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، فَقَالَ كُفِيتَ‏.‏ قَالَ‏:‏ فَمَرَّ الْوَلِيدُ عَلَى قَيْنٍ لِخُزَاعَةَ وَهُوَ يَجُرُّ ثِيَابَهُ، فَتَعَلَّقَتْ بِثَوْبِهِ بَرْوَةٌ أَوْ شَرَرَةٌ وَبَيْنَ يَدَيْهِ نِسَاءٌ، فَجَعَلَ يَسْتَحِي أَنْ يَطَأَ مِنْ أَنْ يَنْتَزِعَهَا، وَجَعَلَتْ تَضْرِبُ سَاقَهُ فَخَدَشَتْهُ، فَلَمْ يَزَلْ مَرِيضًا حَتَّى مَاتَ، وَرَكِبَ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ بَغْلَةً لَهُ بَيْضَاءَ إِلَى حَاجَةٍ لَهُ بِأَسْفَلِ مَكَّةَ، فَذَهَبَ يَنْـزِلُ، فَوَضَعَ أُخْمُصَ قَدَمِهِ عَلَى شِبْرِقَةٍ، فَحَكَّتْ رِجْلَهُ، فَلَمْ يَزَلْ يَحُكُّهَا حَتَّى مَاتَ، وَعَمِيَ أَبُو زَمْعَةَ، وَأَخَذَتِ الْأَكْلَةُ فِي رَأْسِ الْأَسْودِ، وَأَخَذَ الْحَارِثَ الْمَاءُ فِي بَطْنِه»‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ‏:‏ ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ هُمْ خَمْسَةُ رَهْطٍ مِنْ قُرَيْشٍ‏:‏ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَالْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ، وَأَبُو زَمْعَةَ، وَالْحَارِثُ بْنُ عَيْطَلَةَ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَالْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ، وَالْحَارِثُ بْنُ عَيْطَلَةَ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ هُمْ خَمْسَةٌ كُلُّهُمْ هَلَكَ قَبْلَ بَدْرٍ‏:‏ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ، وَالْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةَ، وَأَبُو زَمْعَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسْوَدِ، وَالْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ‏:‏ ‏{‏إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةَ، وَالْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ، وَالْحَارِثُ بْنُ عَيْطَلَةَ‏.‏

حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ، قَالَ‏:‏ قُلْتُ لِلزُّهْرِيِّ‏:‏ إِنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةَ اخْتَلَفَا فِي رَجُلٍ مِنَ الْمُسْتَهْزِئِينَ، فَقَالَ سَعِيدٌ‏:‏ هُوَ الْحَارِثُ بْنُ عَيْطَلَةَ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ‏:‏ هُوَ الْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ صَدَقَا، كَانَتْ أُمُّهُ تُسَمَّىعَيْطَلَةَوَأَبُوهُ قَيْسٌ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ‏:‏ الْمُسْتَهْزِئِينَ سَبْعَةٌ، وَسَمَّى مِنْهُمْ أَرْبَعَةً‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبِي، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَامِرٍ‏:‏ ‏{‏إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ كَانُوا مِنْ قُرَيْشٍ خَمْسَةُ نَفَرٍ‏:‏ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ، كُفِيَ بِصُدَاعٍ أَخَذَهُ فِي رَأْسِهِ، فَسَالَ دِمَاغُهُ حَتَّى كَانَ يَتَكَلَّمُ مِنْ أَنْفِهِ، وَالْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ، كُفِيَ بِرَجُلٍ مِنْ خُزَاعَةَ أَصْلَحَ سَهْمًا لَهُ، فَنَدَرَتْ مِنْهُ شَظِيَّةٌ، فَوَطِئَ عَلَيْهَا فَمَاتَ، وَهْبَّارُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَعَبْدُ يَغُوثَ بْنُ وَهْبٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ عَيْطَلَةَ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ‏:‏ ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَامِرٍ‏:‏ ‏{‏إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ‏:‏ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ، فَكُفِيَ بِأَنَّهُ أَصَابَهُ صُدَاعٌ فِي رَأْسِهِ، فَسَالَ دِمَاغُهُ حَتَّى لَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا مِنْ تَحْتِ أَنْفِهِ، وَالْحَارِثُ بْنُ عَيْطَلَةَ بِصُفْرٍ فِي بَطْنِهِ، وَابْنُ الْأَسْوَدِ فَكُفِيَ بِالْجُدَرِيِّ، وَالْوَلِيدُ بِأَنَّ رَجُلًا ذَهَبَ لِيُصْلِحَ سَهْمًا لَهُ، فَوَقَعَتْ شَظِيَّةٌ فَوَطِئَ عَلَيْهَا، وَعَبْدُ يَغُوثَ فَكُفِيَ بِالْعَمَى، ذَهَبَ بَصَرُهُ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، «وَعَنْ مِقْسَمٍ ‏{‏إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ هُمُ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَالْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ، وَعَدِيُّ بْنُ قَيْسٍ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ، مَرُّوا رَجُلًا رَجُلًا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ جِبْرَئِيلُ، فَإِذَا مَرَّ بِهِ رَجُلٌ مِنْهُمْ قَالَ جِبْرَئِيلُ‏:‏ كَيْفَ تَجِدُ هَذَا‏؟‏ فَيَقُولُ‏:‏ بِئْسَ عَدُوُّ اللَّهِ، فَيَقُولُ جِبْرَئِيلُ‏:‏ كَفَاكَهُ، فَأَمَّا الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، فَتَرَدَّى، فَتَعَلَّقَ سَهْمٌ بِرِدَائِهِ، فَذَهَبَ يَجْلِسُ فَقَطَعَ أَكْحَلَهُ فَنَـزَفَ فَمَاتَ، وَأَمَّا الْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ، فَأُتِيَ بِغُصْنٍ فِيهِ شَوْكٌ، فَضَرَبَ بِهِ وَجْهَهُ، فَسَالَتْ حَدَقَتَاهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَكَانَ يَقُولُ‏:‏ دَعَوْتُ عَلَى مُحَمَّدٍ دَعْوَةً، وَدَعَا عَلَيَّ دَعْوَةً، فَاسْتُجِيبَ لِي، وَاسْتُجِيبَ لَهُ، دَعَا عَلَيَّ أَنْ أَعْمَى فَعَمِيتُ‏:‏ وَدَعَوْتُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ وَحِيدًا فَرِيدًا فِي أَهْلِ يَثْرِبَ فَكَانَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ، فَوَطِئَ عَلَى شَوْكَةٍ فَتَسَاقَطَ لَحْمُهُ عَنْ عِظَامِهِ حَتَّى هَلَكَ، وَأَمَّا الْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ وَعَدِيُّ بْنُ قَيْسٍ، فَإِنَّ أَحَدَهُمَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ ظَمْآنٌ، فَشَرِبَ مَاءً مِنْ جَرَّةٍ، فَلَمْ يَزَلْ يَشْرَبُ حَتَّى انْفَتَقَ بَطْنُهُ فَمَاتَ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَلَدَغَتْهُ حَيَّةٌ فَمَات»‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ‏.‏ عَنْ قَتَادَةَ وَعُثْمَانُ، عَنْ مِقْسَمٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ‏}‏ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنِ ابْنِ ثَوْرٍ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثنا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ « ‏{‏كَمَا أَنْـزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ‏}‏ هُمْ رَهْطٌ خَمْسَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ عَضَّهُوا الْقُرْآنَ، زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ سِحْرٌ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ شِعْرٌ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ‏:‏ أَمَّا أَحَدُهُمْ‏:‏ فَالْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ، أَتَى عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عِنْدَ الْبَيْتِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ‏:‏ كَيْفَ تَجِدُ هَذَا‏؟‏ قَالَ‏:‏ بِئْسَ عَبْدُ اللَّهِ عَلَى أَنَّهُ خَالِي، قَالَ‏:‏ كَفَيْنَاكَ، ثُمَّ أَتَى عَلَيْهِ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ‏:‏ كَيْفَ تَجِدُ هَذَا‏؟‏ قَالَ‏:‏ بِئْسَ عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ‏:‏ كَفَيْنَاكَ، ثُمَّ أَتَى عَلَيْهِ عَدِيُّ بْنُ قَيْسٍ أَخُو بَنِي سَهْمٍ، فَقَالَ الْمَلَكُ‏:‏ كَيْفَ تَجِدُ هَذَا‏؟‏ قَالَ‏:‏ بِئْسَ عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ‏:‏ كَفَيْنَاكَ، ثُمَّ أَتَى عَلَيْهِ الْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ‏:‏ كَيْفَ تَجِدُ هَذَا‏؟‏ قَالَ‏:‏ بِئْسَ عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ‏:‏ كَفَيْنَاكَ، ثُمَّ أَتَى عَلَيْهِ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ، فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ‏:‏ كَيْفَ تَجِدُ هَذَا‏؟‏ قَالَ‏:‏ بِئْسَ عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ‏:‏ كَفَيْنَاكَ، فَأَمَّا الْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ، فَأُتِيَ بِغُصْنٍ مِنْ شَوْكٍ فَضَرَبَ بِهِ وَجْهَهُ حَتَّى سَالَتْ حَدَقَتَاهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ‏:‏ دَعَا عَلَيَّ مُحَمَّدٌ بِدَعْوَةٍ وَدَعَوْتُ عَلَيْهِ بِأُخْرَى، فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ فِي وَاسْتَجَابَ اللَّهُ لِي فِيهِ، دَعَا عَلَيَّ أَنْ أَثْكَلَ وَأَنْ أَعْمَى، فَكَانَ كَذَلِكَ، وَدَعَوْتُ عَلَيْهِ أَنْ يَصِيرَ شَرِيدًا طَرِيدًا، فَطَرَدْنَاهُ مَعَ يَهُودِ يَثْرِبَ وَسُرَّاقِ الْحَجِيجِ، وَكَانَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، فَذَهَبَ يَرْتَدِي، فَتَعَلَّقَ بِرِدَائِهِ سَهْمٌ غَرْبٌ فَأَصَابَ أَكْحَلَهُ أَوْ أَبْجَلَهُ، فَأُتِيَ فِي كُلِّ ذَلِكَ، فَمَاتَ، وَأَمَّا الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ، فَوَطِئَ عَلَى شَوْكَةٍ، فَأُتِيَ فِي ذَلِكَ، جَعَلَ يَتَسَاقَطُ لَحْمُهُ عُضْوًا عُضْوًا فَمَاتَ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا الْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ وَعَدِيُّ بْنُ قَيْسٍ، فَلَا أَدْرِي مَا أَصَابَهُمَا»‏.‏

ذُكِرَ لَنَا «أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ، نَهَى أَصْحَابَهُ عَنْ قَتْلِ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، وَقَالَ‏:‏ خُذُوهُ أَخْذًا، فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ لَهُ بَلَاءٌ، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ يَا أَبَا الْبَخْتَرِيِّ إِنَّا قَدْ نُهِينَا عَنْ قَتْلِكَ فَهَلُمَّ إِلَى الْأَمَنَةِ وَالْأَمَانِ، فَقَالَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ‏:‏ وَابْنُ أَخِي مَعِي‏؟‏ فَقَالُوا‏:‏ لَمْ نُؤْمَرْ إِلَّا بِكَ، فَرَاوَدُوهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَأَبَى إِلَّا وَابْنُ أَخِيهِ مَعَهُ، قَالَ‏:‏ فَأَغْلَظَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَلَامَ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ، فَجَاءَ قَاتِلُهُ وَكَأَنَّمَا عَلَى ظَهْرِهِ جَبَلٌ أَوْثَقَهُ مَخَافَةَ أَنْ يَلُومَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أُخْبِرَ بِقَوْلِهِ‏:‏ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ أَبْعَدَهُ اللَّهُ وَأَسْحَقَهُ، وَهُمُ الْمُسْتَهْزِئُونَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ ‏{‏إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ‏}‏ وَهُمُ الْخَمْسَةُ الَّذِينَ قِيلَ فِيهِمْ ‏{‏إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ‏}‏ اسْتَهْزَءُوا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم»‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ‏:‏ ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ‏}‏ هُمْ مِنْ قُرَيْشٍ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ‏:‏ ثنا شِبْلٌ، وَزَعَمَ ابْنُ أَبِي بَزَّةَ أَنَّهُمُ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ وَالْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْوَحِيدُ، وَالْحَارِثُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ سَهْمِ بْنِ الْعَيْطَلَةِ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ، وَهُوَ أَبُو زَمْعَةَ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ وَهُوَ ابْنُ خَالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ، قَالَ‏:‏ ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ‏:‏ ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، نَحْوَ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ثَوْرٍ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ كَانُوا ثَمَانِيَةً، ثُمَّ عَدَّهُمْ وَقَالَ‏:‏ كُلُّهُمْ مَاتَ قَبْلَ بَدْرٍ‏.‏

وَقَوْلُهُ ‏{‏الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ‏}‏ وَعِيدٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ، وَتَهْدِيدٌ لِلْمُسْتَهْزِئِينَ الَّذِينَ أَخْبَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَدْ كَفَاهُ أَمْرَهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ إِنَّا كَفَيْنَاكَ يَا مُحَمَّدُ السَّاخِرِينَ مِنْكَ، الْجَاعِلِينَ مَعَ اللَّهِ شَرِيكًا فِي عِبَادَتِهِ، فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ مَا يَلْقَوْنَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عِنْدَ مَصِيرِهِمْ إِلَيْهِ فِي الْقِيَامَةِ، وَمَا يَحِلُّ بِهِمْ مِنَ الْبَلَاءِ‏.‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏97- 98‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ‏}‏‏.‏

يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ وَلَقَدْ نَعْلَمُ يَا مُحَمَّدُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قَوْمِكَ مِنْ تَكْذِيبِهِمْ إِيَّاكَ وَاسْتِهْزَائِهِمْ بِكَ وَبِمَا جِئْتَهُمْ بِهِ، وَأَنَّ ذَلِكَ يُحْرِجُكَ ‏{‏فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ فَافْزَعْ فِيمَا نَابَكَ مِنْ أَمْرٍ تَكْرَهُهُ مِنْهُمْ إِلَى الشُّكْرِ لِلَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَالصَّلَاةِ، يَكْفِكَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَهَمَّكَ، وَهَذَا نَحْوُ الْخَبَرِ الَّذِي رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ فَزِعَ إِلَى الصَّلَاةِ‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏99‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ‏}‏‏.‏

يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْمَوْتُ، الَّذِي هُوَ مُوقَنٌ بِهِ‏.‏ وَقِيلَ‏:‏ يَقِينٌ، وَهُوَ مُوقَنٌ بِهِ، كَمَا قِيلَ‏:‏ خَمْرٌ عَتِيقٌ، وَهِيَ مُعَتَّقَةٌ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ‏:‏ ثَنَى طَارِقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ‏{‏وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْمَوْتُ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ، قَالَ‏:‏ ثنا الْحَسَنُ، قَالَ‏:‏ ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ‏:‏ ثنا شِبْلٌ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ‏:‏ ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ‏:‏ ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ‏:‏ أَخْبَرَنِي ابْنُ كَثِيرٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُجَاهِدًا يَقُولُ‏:‏ ‏{‏حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْمَوْتُ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثنا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ ‏{‏وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ‏}‏ قَالَ‏:‏ يَعْنِي الْمَوْتَ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْيَقِينُ‏:‏ الْمَوْتُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثنا سُوِيدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ ‏{‏حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْمَوْتُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ ثنا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ عَنْ طَارِقٍ، عَنْ سَالِمٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ ‏{‏وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْمَوْتُ، إِذَا جَاءَهُ الْمَوْتُ، جَاءَهُ تَصْدِيقُ مَا قَالَ اللَّهُ لَهُ، وَحَدَّثَهُ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ‏"‏ أَنَّ خَارِجَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَخْبَرَهُ «عَنْأُمِّ الْعَلَاءِامْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ قَدْ بَايَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُمُ اقْتَسَمُوا الْمُهَاجِرِينَ قُرْعَةً قَالَتْ‏:‏ وَطَارَ لَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، فَأَنْـزَلْنَاهُ فِي أَبْيَاتِنَا، فَوَجِعَ وَجَعَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ وَغُسِّلَ وَكُفِّنَ فِي أَثْوَابِهِ، دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ‏:‏ يَا عُثْمَانُ بْنَ مَظْعُونٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ، فَشَهَادَتِي عَلَيْكَ، لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ، وَوَاللَّهِ إِنِّي لِأَرْجُو لَهُ الْخَيْر»‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثنا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ‏:‏ ثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ‏:‏ ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ ثنا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْأُمِّ الْعَلَاءِامْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِمْ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ‏.‏

حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ، قَالَ‏:‏ ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شِهَابٍ، أَنَّ خَارِجَةَ بْنَ زَيْدٍ، حَدَّثَهُ عَنْأُمِّ الْعَلَاءِامْرَأَةٍ مِنْهُمْ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِنَحْوِهِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِهِ‏:‏ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ «أَمَّا هُوَ فَقَدْ عَايَنَ الْيَقِين»‏.‏